طريق المهاجرين نحو “الحلم الأوروبي” عبر جزر الكناري.. مخاطر كبيرة ووفيات أسبوعية

أخبار القارة الأوروبية- إسبانيا

تتعدد الطرق التي يسلكها المهاجرون بهدف الوصول إلى ” الحلم الأوروبي”، فبينما يقف الآلاف على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا في الشرق آملين في الوصول إلى ألمانيا، يلقي آخرون بأنفسهم في بحر المانش منطلقين شمالا من فرنسا تجاه بريطانيا، أما الغرب الأوروبي فقد تحولت إسبانيا لمحطة جديدة يهدف المهاجرون للوصول إليها من خلال الإبحار إلى جزر الكناري.

فقد دفعت المشاكل الاقتصادية وغياب الأمن بالآلاف من المهاجرين الأفارقة إلى محاولة العبور إلى جزر الكناري رغم الطرق البحرية الخطيرة، لا سيما في فصل الشتاء، مواجهين حوادث الغرق المتكررة، أملا في الوصول لهدفهم وتسبب الطريق عبر غرب إفريقيا نحو الأرخبيل الإسباني في المحيط الأطلسي في وفاة أعداد من المهجرين بشكل يكاد يكون أسبوعيا.

وشهد شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي إنقاذ الجيش السنغالي 82 مهاجرا على متن قارب انقلب بالمحيط الأطلسي قبالة الساحل الغربي لأفريقيا، حيث صعد المهاجرون على متن السفينة في غامبيا محاولين الوصول إلى جزر الكناري.

رئيس لجنة العمل في هيئة الإنقاذ البحري الإسبانية “إسماعيل فوريو” يؤكد أن عمليات الإنقاذ بحاجة ماسة لاستقطاب المزيد من العاملين، مشيرا إلى أن هنالك أوقات مرت على عاملي الإنقاذ لم يتمكنوا فيها من إنقاذ جميع الغرقى، لكثرة عددهم، ما يزيد في ارتفاع أعداد الغرقى.

زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين

إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة (IOM) تكشف أنه في عامي 2020 و2021 حدثت زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يغادرون ساحل غرب إفريقيا إلى جزر الكناري مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يقوم مهاجرون باستمرار بمحاولات العبور عبر قوارب خشبية بسيطة، لا تصلح لقطع مسافات طويلة في هذه المسارات المائية المفتوحة، التي تتميز بصعوبة الإبحار فيها.

وفي عام 2020، وصل نحو 23 ألف شخص إلى جزر الكناري، وحتى 22 نوفمبر/ تشرين الثاني من هذا العام 2021، نجح أكثر من 19,000 شخص في العبور. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، تم الإبلاغ عن حالات وفاة أو فقدان 849 شخصا في عام 2020، وفي هذا العام، كان الرقم أعلى بكثير، حيث بلغ 909 حالة.

من جانبه يلفت “أسامة البارودي”، الذي يعمل في المنظمة الدولية للهجرة في إسبانيا، إلى أن هذه التقديرات المنشورة “حذرة نوعا ما”، وأن العديد من الحالات لم يتم تسجيلها، وبأن هنالك العديد من الرحلات التي تواجه الفشل في مسارها، ولا يعرف عنها شيئا.

وأضاف البارودي “ما يمكننا قوله أيضًا هو أن الرحلات المغادرة من موريتانيا أو غامبيا أو السنغال على سبيل المثال، تكون أكثر ازدحامًا وبالتالي فهي أكثر خطورة، خاصة في هذه الفترات التي لا تكون فيها الظروف الجوية مثالية”.

وبحسب “البارودي” فإن المزيد من النساء والأطفال هم من بين القتلى، وهو مؤشر على أن عائلات بأكملها تقوم الآن بالعبور وليس فقط الشباب الذين يبحثون عن عمل”، حيث يمكن أن يعزى إلى الآثار الجانبية لوباء كورونا، فقد أثرت عمليات الإغلاق على الاقتصادات المحلية ودمرت سبل عيش الناس، مبينا أن انعدام الأمن في المنطقة والآثار المتزايدة لأزمة المناخ من العوامل المساهمة أيضًا.

أما منظمة “كاميناندو فرونتيراس” لحقوق الإنسان، والتي لها اتصال وثيق بالمهاجرين، فتؤكد أن عدد الضحايا والمفقودين هو أعلى بمرتين، كما أنه من غير الواضح تماما عدد الأشخاص الذين يحاولون العبور.

خطورة الطريق البحري نحو الكناري

ويشيري الباحث البحري “يوهانس كارستنزن” إلى خطورة هذا الطريق البحري، موضحا أن المسار ليس آمنا على الإطلاق، وهو يمتاز بخطورة الإبحار فيه بشكل كبير في ظل وجود العديد من الأمور التي تجعل من هذه الرحلات خطرة جدا على قارب صغير، فهناك الرياح والتيارات والأمواج الصغيرة التي تتشكل محليًا وتجعل مثل هذا العبور خطرا للغاية، وعندما تكون هذه القوارب محملة بشكل زائد – سواء كان ذلك في البحر الأبيض المتوسط أو المحيط الأطلسي – فمن المحتم أن تكون النتائج كارثية.

وتفصل أكثر من 100 كيلومتر (62 ميلاً) من مياه المحيط بين جزر الكناري والقارة الأفريقية في أقرب نقطة لها على الساحل المغربي، حيث يقع ميناء “سانت لويس” في أقصى شمال السنغال على بعد حوالي 1400 كيلومتر من جزر الكناري لذلك فليس من المستغرب احتياج المهاجرين إلى قضاء أكثر من أسبوعين للإبحار عبر مسارب المحيط الأطلسي المفتوحة.

يتم عادة حراسة طريق غرب البحر الأبيض المتوسط عن كثب عبر خفر السواحل، ووفقا للبارودي فإن هذه الحراسة المشددة، كانت من أحد الأسباب التي دفعت المهربين لنقل نشاطهم إلى جزر الكناري الإسبانية. تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن معظم الأشخاص الذين يسلكون هذا الطريق يأتون من البلدان الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي بين المغرب وغينيا ومن مالي.

استماتة المهاجرين للوصول إلى الجزر الإسبانية

ومنذ عام 2020، وعدد الأشخاص الذين يصلون إلى إسبانيا عبر هذا الطريق يفوق عدد الواصلين عبر البحر الأبيض المتوسط.
وفقًا لمسح أجرته المنظمة الدولية للهجرة في السنغال في عام 2019 قبل بدء الوباء، قال عدد كبير من الذين تم شاركوا بالاستطلاع، بالفعل إنهم يفكرون في العبور إلى جزر الكناري، على الرغم من المخاطر، حيث يأمل الشباب المحبطون في حياة أفضل ولم يعودوا يهابون الموت، فالبعض يصل، والبعض يلقى حتفه، والبعض يتم إعادتهم إلى بلدانهم، وإذا أعيدوا، فإنهم يحاولون الكرة مرة أخرى.

Exit mobile version