رحلات المهاجرين عبر المانش إلى بريطانيا..إصابات خطيرة وظروف استقبال سيئة

أخبار القارة الأوروبية – بريطانيا

رحلة في غاية الخطورة يلجأ إليها آلاف المهاجرين انطلاقا من فرنسا بهدف عبور بحر المانش والاتجاه شمالا نحو بريطانيا، لكن هذه الرحلة غالبا ما تنتهي بإصابات خطيرة لم يسعفهم الحظ بالوصول لأراضي المملكة المتحدة.

ثلثا المهاجرين الوافدين لبريطانيا عبر بحر المانش يعانون من إصابات حادة، تشمل انخفاض درجة حرارة أجسامهم فضلا عن إصابات أخرى، وذلك بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

الصحيفة أوضحت أن الأرقام الحكومية تشير إلى أن أكثر من 4 آلاف مهاجر من أصل 6 آلاف عبروا إلى المملكة المتحدة في عام 2021 (من كانون الثاني/يناير حتى حزيران/يونيو) كانوا يعانون من انخفاض درجة حرارة أجسامهم بينما عانى نحو 354 شخصا من حروق ناجمة عن مزيج الوقود والمياه المالحة أثناء الرحلة.

كما أكدت نقل 27 شخصا إلى المستشفى فور وصولهم إلى ساحل كينت للاشتباه في إصابتهم بكسور.

تنديد بظروف استقبال المهاجرين

جمعيات ومنظمات إنسانية نددت بظروف استقبال المهاجرين والأوضاع في مراكز الاستقبال، لا سيما بعد أن أظهرت بيانات عام 2021 كاملا، الحالة الصحية السئية لكثير من المهاجرين الواصلين.
ووصل في عام 2021 أكثر من 28 ألف مهاجر، مقارنة بـ 8,500 مهاجر في عام 2020 و1800 في عام 2019 و300 في عام 2018.

أما في كانون الثاني/يناير الماضي وصل 1,341 مهاجرا، بزيادة ستة أضعاف عن المدة نفسها العام الماضي. وأنقذ خفر السواحل الفرنسي الأسبوع الماضي 36 شخصا.

وعلى الرغم من عدم ذكر تفاصيل حالة جميع الواصلين هذا العام، إلا أن ظروف استقبالهم ليست جيدة، بل أدت إلى تفاقم الحالة الصحية للمهاجرين، مثل مهاجرة وصلت مصابة بحرق وقود، أٌهملت حالتها فتفاقم وضعها.

الغالبية العظمى من هؤلاء المهاجرين تصل إلى اليابسة في “دونجنيس”، أقصى طرف من جنوب مدينة كينت، أولئك الذين يصلون إلى دنجنيس، تكون هناك صخرة شديدة الانحدار نحو الشاطئ باستقبالهم، هذا الرأس الذي يبرز في القنال بطريقة تشبه الأنف، والذي شكله البحر على مدى آلاف السنين، وهي أقرب نقطة تلوح من بعيد لأي قارب يشق طريقه غرب دوفر.

من جانبها كشفت صحيفة “الاندبندنت” عن سوء ظروف استقبال المهاجرين في مراكز الاستقبال في كينت بما فيهم المركز الجديد، إذ باتت قاعدة عسكرية سابقة في مانستون، هي نقطة الاستقبال الأولى للمهاجرين وتستوعب ما يصل إلى 300 مهاجر، بعد إغلاق مركز ”تاغ هافين Tug Haven“، حيث كانت ظروف الاستقبال مزرية.

” كلير موسيلي” مؤسسة جمعية ”كير فور كاليه Care4Calais“، قالت إنها غاضبة بسبب عدم توافر طرق آمنة يتخذها المهاجرون الراغبون في القدوم إلى المملكة المتحدة.

وأضافت أن “كثيرا من المهاجرين على متن القوارب الصغيرة يعانون من انخفاض درجات حرارة أجسامهم ومن إصابات عدة، رغم أن كل ذلك كان يمكن تفاديه. لذلك هو أمر مثير للغضب”، داعية إلى توفير طرق آمنة للاجئين وجعل طلب اللجوء لا يهدد حياتهم.

كما لفتت “لوسي موريتون” العضوة باتحاد خدمات الهجرة (ISU) الذي يمثل موظفي الحدود، إلى الأثر السلبي على حالة حرس الحدود الذين ينقذون المهاجرين قائلة “عندما يكون بين ذراعيك طفل تغطيه الحروق فإنك تأخذ الصدمة معك إلى المنزل”، مشيرة إلى أن الموظفين يعانون أيضا من ضغوط نفسية كبيرة.

ومع ذلك، لا تزال وزيرة الداخلية البريطانية، “بريتي باتيل”، تنتقد وفود المهاجرين وتحثهم على البقاء في دول أوروبية أخرى.

رحلة محفوفة بالمخاطر

المهاجرون يقومون برحلات قاسية عبر ضفتي القنال الإنجليزي، وتتمثل الأزمة في دخولهم في عمليات تهريب تشبه تلك التي تقوم بها المليشيات في التلال الفرنسية وتنتهي بأسراب منهم تقذفهم المياه على شواطىء كنت في إنجلترا.

ورغم ذلك هناك المزيد من قوارب الشواطئ في شمال فرنسا تتجه نحو إنجلترا، وهي مكتظة بالمهاجرين الذين لم تردعهم مختلف الحوادث المأساوية السابقة.

الشرطة الفرنسية تقول إن القوارب مصممة بشكل خاص بحيث تكون طويلة وبسيطة ومطاطية قابلة للنفخ، لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الناس، كما أن هيكلها البسيط يجعلها خطرة بشكل خاص.
هذه القوارب يتم تهريبها من جانب أشخاص يحملون جنسيات أوروبية ما يسهل لهم نقلها عبر دول الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضا: الاستبدال الكبير.. الهجرة العكسية بين خطاب التطرف وصراع الهوية في فرنسا

يتم تقسيم القوارب المطاطية إلى أقسام منفصلة، بهدف الحد من حدوث أي ضرر وفقدان للهواء إذا ما حدث ثقب في أحد الأقسام.

لكن غالباً لا يهتم المهربون بتدعيم قاع القارب بألواح صلبة، ما يعني أن القوارب تتقلص وتنهار عند فراغها من الهواء، كما قال أحد الوزراء الفرنسيين الذي شبهه بــ “حوض سباحة أطفال قابل للنفخ”.

الجميع يدرك هذه المخاطرـ لا تغفو أعين كثير من المهاجرين الذين ينتظرون العبور في هذه المخيمات، عن تطبيقات التنبؤ بأحوال الطقس في القنال الإنجليزي بشكل يومي.

الأمواج التي يزيد ارتفاعها عن متر، تشكل خطراً حقيقياً، لكن ذلك لا يثني إلا قليلين عن الرحلة. وهؤلاء الذين يدركون مخاطر الرحلة يجدون أنفسهم في مواجهة معضلة حقيقية.
لا يهتم رجال العصابات الإجرامية بما قد يحدث للمهاجرين، وكل ما يهمهم هو الحصول على أموال منهم.

السكان في الجهة المقابلة اعتادوا على رؤية العشرات من الأشخاص الذين يصلون هنا بملابس مبلولة وقد جرفتهم الرياح إلى الشاطئ بصحبة أطفال صغار ينتظرون في الخارج بجوار محطة قوارب النجاة حافلة تم ترتيبها على عجل لنقلهم إلى إحدى منشآت وزارة الداخلية في دوفر أو أي مكان آخر في كينت.

ورغم نداءات المنظمات الدولية والإنسانية إلا أن رحلة المهاجرين في عبور المانش لا تزال محفوفة بالمخاطر، وتنتهي أحيانا بالموت أو بإصابات خطيرة في صفوف المهاجرين، الذين ما إن ينتهوا من عبور المانش حتى يجدوا أنفسهم في ظروف استقبال سيئة تزيد الطينة بلة وتعقد مهمة الاستقرار في المملكة المتحدة.

Exit mobile version