العنصرية مستمرة.. تردي أوضاع اللاجئين على الحدود البيلاروسية – البولندية

العنصرية مستمرة.. تردي أوضاع اللاجئين على الحدود البيلاروسية - البولندية

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

لا تزال أوضاع المهاجرين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية متردية، حيث منعون من الدخول من الناحية البولندية وتسعى روسيا لإخلائهم من أراضيها، ليقع هؤلاء المهاجرون بين شقي رحا.

فالحكومة البيلاروسية اتخذت قرارا بإرغام المهاجرين على التوجه إلى الحدود أو العودة إلى مينسك، لإعادتهم لبلادهم، ما يزيد الأوضاع صعوبة بالنسبة لهم خاصة وأن  اندلاع الحرب في أوكرانيا  أثار لديهم الكثير من المخاوف، والتساؤلات أيضا حيال سبب موافقة بولندا على استضافة اللاجئين الأوكرانيين ورفضها لهم.

إهمال مستمر على الحدود والسلطات تتلاعب بهم

ويشكو المهاجرون القادمون من دول شرق أوسطية والعالقين  على الحدود من إهمالهم بسبب الحرب، حيث باتوا يخشون من سيناريوهات عدة أخطرها أن تطال الحرب المنطقة الحدودية التي هم فيها.

ويرى المهاجرون أن الجانبين يتلاعبان بهم فبيلاروسيا لا تريدهم أن يعودوا لها وبولندا لا ستمح لهم بالعبور، ويتعرضون لاعتداءات بدنية خلال محاولتهم العبور لهذه الحدود.

في مخيم بروزجي على الجهة البيلاروسية، تتقاطع قصص المهاجرين هناك حيال العنف والضغط النفسي والمعنوي الذي يتعرضون له.

مضايقات مستمرة

وبين الحين والآخر يقوم الجنود البيلاروس بمضايقة المهاجرين في المخيمات، يدخلون عليهم بعتادهم الكامل ويطالبونهم بالذهاب للغابة التي تعد مكان تجمع المهاجرين على الحدود مع بولندا أو العودة إلى مينسك ليتم ترحيلهم إلى بلادهم، وهم في هذه الحالة لا يستمعون لما يقوله المهاجرون وما إن كان بإمكانهم العودة إلى بلادهم أم لا.

السلطات البيلاروسية تبذل محاولات مستمرة لإخلاء مخيم بروزجي، فيما يعتبر المهاجرون أن هذه المحاولات باتت كثيفة  بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا في شباط/فبراير الماضي.

عند إنشائه، كان المخيم، وهو عبارة عن مهاجع ضخمة، يستقبل نحو ثلاثة آلاف شخص، من ضمنهم الكثير من العائلات والأطفال. أما اليوم، وفقا لثائر، فلا يتعدى عدد من هم هناك المئتين.

قصص مؤلمة للمهاجرين

“غروبا غرانيكا”، من تحالف لمنظمات إنسانية غير حكومية بولندية، تم إنشاؤه للاستجابة للحالات الإنسانية الصعبة على الحدود، أكد أن هناك ارتفاعا بأعداد اللاجئين المختبئين في الغابات البولندية مؤخرا، مضيفا أن هؤلاء يسعون للوصول سرا إلى وارسو، ومنها إلى ألمانيا أو أي دولة أوروبية أخرى.

ووفقا للتحالف، يسعى هؤلاء المهاجرون لأن يحافظوا على سرية حركتهم، ففي حال تم ضبطهم من قبل الجيش البولندي ستتم إعادتهم إلى بيلاروسيا.

منظمات غير حكومية عدة شاركت قصصا وشهادات مؤلمة لمهاجرين على تلك الحدود، من المهاجرين أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، منهم من بترت أطرافهم ويضطرون للسير في الغابات بأطراف صناعية، “المشي بأطراف صناعية على التضاريس الوعرة للغابة والاضطرار أيضا إلى عبور الأنهار، أمر مرهق ومؤلم للغاية”، هذا ما نقلته إحدى تلك المنظمات عن أحد المهاجرين.

وتتشارك قصص المنظمات والمهاجرين لجهة رفض السلطات البولندية السماح لهم بعبور الحدود.

ويمكن للمشاهد تقدير حجم المأساة والمعاناة التي يعانيها هؤلاء عند معاينة صور الوكالات الإخبارية لهم، نساء وأطفال ورجال بالعراء، دون أي مأوى، عالقين بين سياجين حدوديين لدولتين تقفان على حافتي نقيضين بسبب الأزمة السياسية والإنسانية التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا.

“تفريق العائلات”

“سيلفيا كافازيني”، ناشطة في منظمة “غاندي” غير الحكومية، كانت متواجدة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا الأسبوع الماضي، قالت إنه:  “بين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر وحتى اليوم، لم يتغير شيء على الحدود. عمليات الصد لا تزال قائمة. بولندا لا تريد استقبال أي لاجئ”.

وتضيف “تواصل السلطات البولندية سياسة تفريق العائلات: عندما يمرض طفل مثلا، يتم نقله إلى المستشفى مع والدته ويبقى والده في الغابة. وعندما يتحسن وضعه الصحي، يُعاد مع أمه إلى الغابة”.

وفقا للناشطة، “هناك أكثر من 600 شخص في المنطقة في الوقت الحالي”. وأوردت أن حرس الحدود البيلاروسي أغلق المركز في بروزجي، ما وضع المهاجرين هناك أمام خيارين، إما الذهاب إلى الغابة أو العودة إلى مينسك” (ليواجهوا خطر الترحيل).

إقرأ أيضا: ليتوانيا أحدث الأمثلة.. حرب أوكرانيا تواصل كشف التمييز بين اللاجئين

ونقلت “كافازيني” عن صحفية إيطالية أنها رأت حرس الحدود البولنديين عند الحدود الأوكرانية يرحبون بالأطفال ويقدمون الشاي والملابس للعائلات. نفس هؤلاء الحراس عند الحدود مع بيلاروسيا يصطادون المهاجرين في الغابة.

استمرار التمييز العنصري

من المعروف أن الحكومة البولندية اتخذت موقفا حادا للغاية من قضية الهجرة، كما أنها قررت عدم السماح للمهاجرين العالقين على حدودها من الدخول إلى أراضيها، حتى ولو كانوا يعتزمون إكمال رحلتهم إلى دول أخرى.

 الحكومة لم تتأثر بكافة المناشدات التي توجهت إليها بالسماح لهؤلاء المهاجرين بالمرور، على الرغم من وقوع العشرات من الوفيات في صفوفهم، ومن بينهم أطفال.

لكن هذا الموقف تغير تماما مع اندلاع الحرب في أوكرانيا وتوافد اللاجئين الأوكرانيين على دول الجوار. الحكومة استقبلت حتى الآن ما يقارب المليوني لاجئ (عدد كبير منهم أكمل رحلته إلى دول أوروبية أخرى)، وأبدت استعدادها لإكمال دورها “الإنساني” في هذا الصدد،  مع الحفاظ على موقفها السابق المتمثل بعدم السماح للمهاجرين “الشرق أوسطيين” من دخول البلاد والتقدم بطلبات لجوء، على الرغم من أنهم بغالبيتهم الساحقة هاربين من الحروب والمعارك، وتبقي عليهم في المنطقة العازلة بينها وبين بيلاروسيا.

الحرب الروسية على أوكرانيا كشفت بما لا يدع مجالا للشك عدم تمتع العديد من الدول الأوروبية بالحد الأدنى من المعايير الإنسانية التي طالما تشدقت بها في التعامل مع المهاجرين الشرق أوسطيين، كما أبرزت حالة من التمييز العنصري من خلال حسن استقبال الأوكرانيين وترك الآخرين يعانون الأمرين عند الحدود بلا أمل في العبور، لتبقى الحرب في أوكرانيا شاهدة على زيف الكثير من المزاعم الخاصة بحقوق الإنسان وكرامته، والتي يسمعها الشباب في بلادهم لينطلقوا برا أو بحرا مضحين بكل ما يملكون أملا في الوصول لدولة تؤمن لهم حياة إنسانية كريمة، لكن ذلك بات في كثير من الأحيان أمل بعيد المنال.

Exit mobile version