الانتخابات الفرنسية.. المرشح المتطرف “زامور” يعد بترحيل ملايين المهاجرين وعقبات كثيرة في طريقه

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

وضع المرشح اليميني المتطرف “إيريك زامور” مسألة المهاجرين كإحدى أهم أسس خطابه الانتخابي، وركز عليها في كثير من لقاءاته الإعلامية، برغم اهتمام المواطن الفرنسي أكثر بأحوال معيشته والأوضاع الاقتصادية.

وفي لقاء جماهيري له واصل “زامور” حديث عن الهجرة من خلال إطلاق وعد بإنشاء وزارة لما وصفه بــ”لإعادة الهجرة”.

هدف الوزارة هو العمل على ترحيل كافة المهاجرين المقيمين بشكل غير شرعي على الأراضي الفرنسية إلى بلدانهم الأم، حيث وعد “زامور” بترحيل مليون مهاجر خلال فترته الرئاسية المفترضة لمدة خمس سنوات.

“زامور” قال في خطاب له يوم الاثنين الماضي إنه 21 آذار/مارس إنه إذا تم انتخابه رئيسا، سيعمل على إنشاء وزارة “لإعادة الهجرة”، مهمتها ترحيل الأجانب على نطاق واسع في فرنسا، ووعد بأن يتوفر لتلك الوزارة “الموارد اللازمة والمواثيق، وسنقوم بعمليات ترحيل جماعية”.

كما وعد في حملته الانتخابية، خاصة في البنود المتعلقة بالهجرة، بـ”إزالة مليون” أجنبي في غضون خمس سنوات، ليعود ويؤكد على نيته “طرد 100 ألف أجنبي غير مرغوب فيهم سنويا”، أي 500 ألف شخص خلال فترة ولايته المحتملة، وهو ما يتناقض مع وعد “المليون”.

المعنيون بالطرد من المهاجرين

أما من هم معنيون بالطرد بالنسبة لــ”زامور” فهم “المهاجرون غير الشرعيين والمنحرفون والمجرمون الأجانب، وأصحاب الملفات الأمنية “. كما يؤكد أنه وفور تسلمه للرئاسة سيزور دول المغرب والجزائر وتونس للتباحث مع قادتها بشأن إعادة هؤلاء المهاجرين.

ويتبنى المرشح المتطرف نظرية “الاستبدال الكبير” (للفيلسوف الفرنسي رينو كامو) والتي تؤمن بتفق العرق الأبيض، ويسعى من خلال ذلك لتطبيق ما يسمى بــ”إعادة الهجرة”.

ما معنى “إعادة الهجرة”

إعادة الهجرة مصطلح متداول ضمن أدبيات اليمين المتطرف، وهو مفهوم متبنى من مجموعات “أنصار الهوية”، المتواجدين ضمن جمهور “زامور”.

ولهذه المجموعات الصغيرة مفاهيم خاصة تندرج ضمن الخطوط العامة لليمين المتطرف في فرنسا، وهي تدعو إلى “إعادة غالبية المهاجرين غير الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية”.

أرقام المهجرين غير الشرعيين في فرنسا

لم تصل أعداد المهاجرين المتواجدين على الأراضي بشكل غير قانوني إلى مليون بشكل عام، فوفقا للصندوق الوطني للتأمين الصحي للموظفين، والذي يعتبر مرجعا لناحية إحصاء أعداد المستفيدين من الخدمات الصحية الحكومية، قدر عدد هذه الفئة من المهاجرين في فرنسا عام 2020 بنحو 370 ألفا، وإذا ما أضيف إلى ذلك الرقم المهاجرين المستفيدين من المساعدات الطبية، فيصل العدد إلى نحو 400 ألف، حسب المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج.

بيانات الإدارة العامة للأجانب في فرنسا (DGEF)، تفيد بأن عمليات الترحيل لم تطل سوى 107,488 شخصا، أي أقل من ثلث من ينبغي أن ينطبق عليهم هذا الإجراء.

لكن من ناحية أخرى، فإن حصول شخص ما على قرار بوجوب مغادرة الأراضي الفرنسية لا يعني الترحيل المباشر، فهذا إجراء إداري، وبالتالي سيكون على من صدر بحقه هذا القرار أن يغادر فرنسا بطريقته الخاصة.

الإدارة العامة للأجانب في فرنسا تحدثت عن ترحيل 16,819 أجنبيا من البلاد، بشكل طوعي أو قسري، خلال 2021.

عمليات الترحيل صعبة لهذه الأسباب

لقد اقتراح “زامور” الغامض أثار العديد من القضايا، فعمليات الترحيل ينبغي أن تكون مؤطرة ومقوننة وتلحظ الكثير من المفاهيم والمبادئ.

“تانيا راتشو”، حائزة على دكتوراه في القانون الأوروبي وعضوة في مجموعة حقوقية (Les Highlighters) قالت : “بداية، يحظر القانون الأوروبي إعادة أي شخص إلى بلد قد تكون حياته أو سلامته الجسدية فيه في خطر، تغطي هذه القاعدة مجموعة واسعة من الحالات، منها الأفغان على سبيل المثال، كما تنطبق على شخص مريض أو يعاني من حالة طبية معينة لا يمكن معالجتها في بلده الأصلي”.

من ناحية أخرى، لا يعتبر التواجد على الأراضي الفرنسية بشكل غير قانوني جنحة في فرنسا، فكل من يصدر بحقه قرار بوجوب المغادرة يمكنه التقدم بطلبات استئناف أمام المحاكم على القرار، كما أن قرارات وجوب مغادرة الأراضي الفرنسية صالحة لمدة عام واحد فقط.

من جهته، أوضح “ديدييه ليسكي”، المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (Ofii) في كتابه “الاضطراب الكبير، الهجرة في الواجهة” الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أن “القانون بصيغته الحالية، لا يجيز التجديدات الجماعية (أوامر المغادرة).

هناك عنصر آخر يجب أخذه بعين الاعتبار، وهو أن إعادة أي أجنبي إلى بلده الأم يشترط حصوله على “تصريح قنصلي” من سفارة ذلك البلد، خاصة وأن معظمهم لا يملكون أوراقا ثبوتية.

المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج ذكر في كتابه سالف الذكر أن إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه السلطات المعنية بتطبيق قرارات الترحيل، تكمن في رفض بعض البلدان إصدار مثل تلك التصاريح، متحدثا عن “عدم رغبة” كل من تونس والمغرب والجزائر “استعادة رعاياهم المقيمين بشكل غير شرعي في فرنسا”.

وبالتالي، لتنفيذ عملية بهذا الحجم، سيكون على الجهات المعنية تجاهل جملة القوانين التي تحكم عمليات الترحيل، وهذا ما يطرح علامات استفهام كبرى حول قدرة زمور أو غيره من المرشحين اليمينيين على تنفيذ ذلك الوعد “الانتخابي”.

مسألة فرض قيود على التأشيرات

يعتقد “إريك زمور” أنه من أجل تخطي تلك العقبة، سيقوم بفرض تقييدات على التأشيرات الممنوحة لمواطني تلك الدول، لكنه وببساطة يبدو عدم معرفته بأن فرنسا تقوم بالفعل حاليا بتطبيق تقييدات عدة على التأشيرات الممنوحة لمواطني تلك الدول على خلفية رفضها التعاون في ملف إعادة المهاجرين؟.

اقرأ أيضا: العنصرية مستمرة.. تردي أوضاع اللاجئين على الحدود البيلاروسية – البولندية

ومن أجل الوصول إلى رقم 100 ألف عملية ترحيل سنوية، سيكون على “إريك زمور”، في حال انتخابه، أن ينفذ حوالي ثمانية آلاف عملية ترحيل شهريا، ما يعني أنه على السلطات بناء أو إنشاء مراكز احتجاز إدارية جديدة في جميع أنحاء البلاد لتتمكن من استيعاب ذلك الرقم.

في الوقت الحالي، يمكن للمراكز المتواجدة فعليا أن تستوعب حوالي 1,750 شخصا، وهذا رقم بعيد نسبيا عن ما يطمح إليه مرشح اليمين المتطرف.

وعلى ما يبدو فإن خطاب “زامور” الانتخابي الذي يركز على المهاجرين ويمنحهم مساحة كبيرة من حديثه ويطلق الوعود بشأنهم ليست سوى وسيلة لكسب الأصوات اليمينية فقط في ظل عدم قدرته على طرح حلول لمشكلات البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية بشكل واضح، وحتى مسألة الهجرة أطلق “زامور” وعودا لكن تلك الوعود يصعب بشدة تطبيقها على أرض الواقع.

Exit mobile version