بهدف الاستغناء عن الغاز الروسي.. الاتحاد الأوروبي يسعى لسد احتياجاته من أفريقيا

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

يسعى الاتحاد الأوروبي للاستغناء عن الغاز الروسي، والبحث عن مصادر بديلة، حيث تتجه أنظار القادة الاوروبيون نحو القارة السمراء التي تمتلك احتياطات كبيرة من النفط والغاز.

السياسة الأوروبية الجديدة تأتي ضمن ردودها على قرار روسيا غزو أوكرانيا في فبراير الماضي لكن ذلك قد يترتب عليه إلحاق أضرار كبيرة باقتصادات الدول الأوروبية، ما يجعل الكتل راغبا في تطبيق حلول بديلة لسد العجز المتوقع بعد الاستغناء عن الغاز الروسي.

وتستورد دول الاتحاد الأوروبي 380 مليون متر مكعب يوميا من الغاز الروسي، الذي يصل إلى 140 مليار متر مكعب أو 45 % من إجمالي الاستهلاك السنوي للغاز في التكتل.

وزير الاقتصاد الألماني “روبرت هابيك” بدأ في قيادة الشركات الألمانية الرائدة في مجال الطاقة لإبرام اتفاقيات مع الإمارات خلال زيارته إلى هناك، تزامنا مع استمرار ارتفاع سعر خام برنت الذي يستخدم كمعيار رئيسي لأسعار النفط في جميع أنحاء العالم.

الاتحاد الأوروبي كان قد استورد في عام 2019 حوالي 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من أفريقيا خاصة من نيجيريا التي قامت بتزويد التكتل الأوروبي بأكثر من 12 مليار متر مكعب.

احتياطات كبيرة من الطاقة بالقارة الأفريقية…ولكن

لكن مع امتلاك القارة الأفريقية احتياطات كبيرة من النفط والغاز، قد تكون بديلا عن روسيا بالنسبة للدول الأوروبية حيث أفادت تقارير في عام 2017 بامتلاك أفريقيا احتياطيات مؤكدة من الغاز تصل إلى 148,6 تريليون متر مكعب ما يمثل أكثر من 7 بالمائة من الاحتياطيات العالمية من الغاز.

الدول الأفريقية لديها كم هائل من المشاكل لا يسمح لها بتحقيق إنجاز واضح لسد الحاجة الأوروبية، حيث يتعين عليها القيام بإجراءات لجذب استثمارات أجنبية في هذا القطاع الحيوي.

أنغولا ونيجيريا هما أكبر منتجي نفط في أفريقيا، لم يتمكنا من الوفاء بالتزاماتهما في إطار منظمة أوبك، حيث تمكنت نيجيريا من ضخ 94 بالمائة من حصتها البالغة 1,7 مليون برميل يوميا فيما ضخت أنغولا 78 بالمائة فقط من حصتها البالغة 1,4 مليون برميل يوميا.
وإذا لم يتمكن المنتجون الأفارقة الرئيسيون من الوفاء بحصصهم، فإنه لن تكون هناك طريقة تمكنهم من سد الفجوة التي قد تسببها روسيا على المدى القصير..

ولكي تتمكن نيجيريا وأنغولا والبلدان الأفريقية الأخرى المنتجة للنفط من جذب الاستثمارات، يتعين عليها إغراء شركات النفط بحوافز مالية لضخ استثمارات مع تسهيل إجراءات تنفيذ الأعمال التجارية.

ومنذ بدء روسيا غزو أوكرانيا، أبدت الجزائر التي تعد أكبر دولة أفريقية مصدرة للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، استعدادها لزيادة صادرات الغاز الطبيعي والغاز المسال.

وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد خطوط الأنابيب المباشرة لنقل الغاز من أفريقيا إلى أوروبا، أربعة خطوط، لكن جميعها في بلدان شمال أفريقيا. فيما يكمن التحدي الأبرز في بناء بنية تحتية جديدة في منطقة جنوب الصحراء لربطها مع خطوط أنابيب منطقة شمال أفريقيا.

المسؤولة في اتحاد الأعمال الألماني الأفريقي، ” خادي كامارا” تقول إن “المنتجين الأفارقة يمتلكون احتياطيات تفوق احتياجاتها في الأسواق المحلية، لذا لديهم رغبة في زيادة التصدير”.

حلول ضررية لزيادة الصادرات الأفريقية

وتحتل نيجيريا المرتبة الأولى في أفريقيا عام 2019 في حجم صادرات النفط الخام من القارة السمراء بمعدل بلغ أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط في السوق العالمية.

وشهد العام نفسه تجاوز إجمالي إنتاج النفط والغاز في أفريقيا أكثر من 327,3 مليون طن متري من النفط فيما بلغت حصة القارة في صادرات النفط العالمية ما يقرب من 9 بالمائة بداية من عام 2020.

و من أجل أن تتمكن الدول الأفريقية من سد الفجوة، “يتعين عليها توفير فائض لا يقل عن 7,4 مليون برميل يوميا، وهو رقم صعب يبدو أن هذه الدول ليس لديها القدرة على ذلك بل إنها حتى ليست قريبة من تحقيقه.

ومن أجل توصل البلدان الأفريقية إلى حلول على المدى القصير، يتعين عليها تعديل أنظمتها المالية بما يسمح لشركات النفط تحقيق مكاسب مالية نظير استثماراتها في القارة السمراء. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، وفقا لما يشير إليه أولاينكا، بل يتعين على البلدان الأفريقية القضاء على الفساد وسرقة النفط الخام والبيروقراطية.

الأمر لا يتوقف على عدم قدرة الدول الأفريقية المنتجة للنفط على الوفاء بالتزاماتها فقط، إذ يتعدى الأمر ذلك، حيث “تجد هذه البلدان مشقة في جذب استثمارات جديدة في قطاع إنتاج النفط، لذلك قد لا تتمكن من المساهمة في سد فجوة (الغاز والنفط) على المدى المتوسط.

وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، تتباين مواقف الدول الأفريقية حيال الغزو الروسي الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز والنفط إلى مستويات قياسية، كانت دلالة ذلك خلال تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من مارس/ آذار على قرار يدين العمليات العسكرية الروسية ويطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط والشامل للقوات الروسية من أوكرانيا.

ورغم تصويت 28 دولة أفريقية من أصل 54 لصالح القرار، فإن البلدان الأفريقية الأخرى امتنعت عن التصويت أو لم تشارك في الجلسة باستثناء إريتريا التي وقفت إلى جانب روسيا وصوتت ضد القرار مع سوريا وكوريا الشمالية.

اقرأ أيضا: الانتخابات الفرنسية.. المرشح المتطرف “زامور” يعد بترحيل ملايين المهاجرين وعقبات كثيرة في طريقه

وكشف هذا الأمر النقاب عن ظهور خلافات سياسية بين دول الاتحاد الأفريقي تحول دون تمكن القارة من التحدث بصوت واحد على منبر الأمم المتحدة، كذلك، لم يعرب أي زعيم أفريقي عن رغبته في لقاء مسؤولين أوروبيين، حيث طلبت مجموعة أعمال ألمانية-أفريقية من وزير الاقتصاد الألماني الأسبوع الماضي التواصل مع نظرائه الأفارقة لبحث إمكانية زيادة إمدادات النفط والغاز من القارة السمراء.

تردد البلدان الأفريقية في الالتزام بضخ المزيد من النفط والغاز قد يكون مرجعه ضعف البنية التحتية في مجال النفط والطاقة، لاسيما خطوط نقل الغاز والنفط إلى أوروبا.

ضعف البنية التحتية

إحصاءات صادرة عن فرع شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” للتدقيق والإستشارات في جنوب أفريقيا، أشارت إلى أن أزمة ضعف البنية التحتية في قطاع النفط أدت إلى انخفاض إنتاج النفط في القارة بنسبة 19 بالمائة عام 2019 عن العام الأسبق ما يمثل 7,8 بالمائة من الناتج العالمي كذلك، شهد إنتاج الغاز في أفريقيا انخفاضا طفيفا بلغ 5 بالمائة خلال الفترة ذاتها.

وفي ضوء هذه المعطيات، فإن شركات النفط يمكنها الحصول على شروط مالية أفضل بكثير وبيئة تشغيل أسهل، إذا استثمرت في تدشين خطوط جديدة لإنتاج النفط من خارج أفريقيا”.

Exit mobile version