السويد.. احتجاجات في ظل تصاعد الحركات المعادية للمسلمين والمهاجرين

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

تشهد السويد أعمال شغب عنيفة خلال احتجاجات ضد مظاهرات لليمين المتطرف يعتزم خلالها إحراق نسخ من القرآن.

الحركة اليمينية المعادية للهجرة والإسلام تدعى “سترام كورس” ويقود المظاهرات وينظمها الدنماركي السويدي “راسموس بالودان”، زعيم حزب “هارد لاين” اليميني المتطرف.

وتحول عدد من الاحتجاجات المناهضة للمظاهرات التي كان بالودان يعتزم تنظيمها والتي تم إلغاء بعضها في المدن السويدية إلى أعمال عنف هذا الأسبوع.

ليست هذه أول مرة تخرج فيها مظاهرات تندد بعملية حرق القرآن الكريم، فقد سبق ذلك مظاهرات عنيفة قبل عامين عندما قام يمينيون متطرفون بإحراق مصحف في مدينة مالمو.

اشتباكات بين الشرطة والمحتجين الغاضبين

وبالعودة للأحداث الجارية فقد شهدت مدينة أوريبرو وسط السويد أمس الأول الجمعة، اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين خرجوا للاحتجاج على خطة حركة يمينية متطرفة إحراق نسخة من القرآن، ما أسفر عن إصابة مدني وتسعة عناصر شرطة بجروح، وفق ما أعلنت السلطات.

الشرطة كشفت في حصيلتها الأولية عن إصابة 4 من أفرادها خلال الصدامات في مدينة أوريبرو (وسط البلاد)، تعرّض أحدهم، إلى جانب مدني، للضرب على رأسه بحجر عندما رشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة، مشيرة إلى إضرام محتجين النار في أربع سيارات شرطة.

وقامت الشرطة بتفريق المظاهرة لتهدئة الوضع وفي وقت لاحق من المساء وقالت إن معظم المتظاهرين المناوئين غادروا المنطقة.

كما نقل ثلاثة عناصر شرطة إلى المستشفى بعد اندلاع المواجهات في مدينة لينشوبينغ على الساحل الشرقي للسويد الخميس، كما أُضرمت النار في أربع من سياراتها، حيث كانت تظاهرة سيحرق خلالها مصحف مقررة، وتم توقيف شخصين خلال التظاهرة.

الشرطة السويدية تعتبر احتجاجات المسلمين غير مقبول

الشرطة السويدية قالت في بيان لها تعقيبا على تلك الأحداث إن ما جرى في لينشوبينغ (جنوب وسط البلاد) نورشوبينغ (جنوب غربيها) “مستهجن تماماً وغير مقبول بأي حال”، في إشارة إلى احتجاجات المسلمين وأعمال العنف التي رافقتها.

الشرطة السويدية تعتقل أحد المحتجين

قائد الشرطة الوطنية “أندرس ثورنبرغ”، قال، صباح الجمعة، في رد فعله على أحداث الخميس: “نعيش في مجتمع ديمقراطي وتتمثل إحدى أبرز مهام الشرطة في ضمان أن يكون بإمكان الناس استخدام حقوقهم التي يكفلها الدستور بالظاهر والتعبير عن آرائهم”، وأضاف في بيان: “لا يحق للشرطة اختيار من يحظى بهذا الحق، لكن عليها دائماً التدخل في حال وقوع انتهاك”.

“ثورنبرغ” شدد على أن “التعرض لمعدات وأفراد الشرطة هو “اعتداء” على سيادة القانون والديمقراطية”، متوعداً ببذل أقصى جهد “لمحاسبة كل من تورط في أعمال الشغب والتخريب”. علماً أن وسائل إعلام سويدية قالت إن نحو ثمانية متظاهرين أوقفوا على خلفية الصدام.

الصدام كان قد بدأ بين متظاهرين مسلمين غاضبين والشرطة، يوم الخميس 14 نيسان/ أبريل – الموعد المزمع لتظاهرة يقودها “راسموس بالودان”، بموافقة الشرطة، حيث نجح هذه المرة في حرق نسخة من المصحف وسط صيحات “الله أكبر” للمتظاهرين المسلمين الذين هاجموا سيارات الشرطة وأضرموا النيران في عدد منها.

وكالة الأنباء السويدية أكدت أن أعمال العنف اندلعت في ضاحية رينكبي في العاصمة ستوكهولم بعد أن أشعل “بالودان” النار هناك في نسخة من القرآن.

وقبيل حرق المصحف، قال “بالودان” إن الإسلام “لم يحدث يوماً أن توافق مع المجتمع الغربي وحرية الرأي والتعبير”، زاعماً أنه أراد حرق المصحف ليُظهر للعالم “رد الفعل العنيف” للمسلمين.

وحاولت الشرطة تهدئة الوضع، غير أن جموع المتظاهرين الغاضبين لم تنصرف من المنطقة قبل حلول المساء، علماً أن “بالودان” عمد إلى حرق المصحف في واحدة من أكثر مناطق السويد زخماً بالمهاجرين المسلمين واختار يوم الجمعة من شهر رمضان المقدس لدى المسلمين (تزامناً مع الجمعة العظيمة لدى المسيحيين).

يوكسال: بالودان عنصري يستفز المسلمين تحت حراسة الشرطة

في تصريح، قال رئيس “حزب الألوان المختلفة” السويدي “ميكائيل يوكسال”: “إن “بالودان” العنصري المعادي للمسلمين يواصل استفزازاته بحرق القرآن بمدن سويدية مختلفة، تحت حراسة شرطية مشددة.

وأشار إلى أن “بالودان” يختار على وجه الخصوص المناطق المكتظة بالمسلمين لتنفيذ استفزازاته، لافتا إلى أن الشرطة تسمح له بذلك. وأضاف “يوكسال”: “يُحرق القرآن بمناطق إقامة المسلمين تحت حماية الشرطة في السويد، التي تدافع عن حقوق الإنسان وحرية الدين والضمير بأعلى صوت”.

المتطرف بالودان

وأعرب عن استغرابه من دعوة الشرطة المسلمين إلى مشاهدة حرق كتابهم المقدس أمام أعينهم وبحس سليم، قائلًا: “أي نوع من خسوف العقل هذا؟”.

التصعيد اليميني ضد المسلمين يتواصل في السويد

السويد شهدت في الآونة الأخيرة تصعيدا من الحركات اليمنية المتطرفة ضد المسلمين وكان ملك السويد “كارل الـ16 غوستاف” قد أكد أن الجميع في السويد لديه الحق بممارسة عباداته بحرية.

جاء ذلك وسط إدانته للاعتداءات التي تستهدف المعابد الدينية، عقب زيارته لمسجد في المركز الثقافي لمدينة أوربرو الذي تعرض لإطلاق نار من قبل مجهولين عام 2017.

وفي السويد أيضا، أغضبت رسومات الكاريكاتور السويدي “لارش فيلكس” المسلمين من حول العالم عام 2007، بعدما تناول النبي محمد (ص) في رسوم كاريكاتورية ساخرة.

وقد تسبّبت رسومه بتوترات دبلوماسية للسويد، حيث عمد رئيس وزراء السويد حينها، “فردريك راينفلدت”، إلى لقاء سفراء دول إسلامية لتخفيف التوتر.

اقرأ أيضا: سياسة مشتركة.. هل تطبق إيطاليا “اتفاق رواندا” لترحيل المهاجرين؟

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُقدم “بالودان” على حرق المصحف إذ أحرق نسخة من القرآن عام 2019، ما تسبب في إصدار أمر بإبعاده وحرمانه من دخول السويد عامين.

وكرر الفعل نفسه في آب/ أغسطس عام 2020، منتهكا قرار حظر دخوله السويد الذي كان ينتهي في أيلول/ سبتمبر من ذلك العام، وهو ما أسفر عن صدامات عنيفة في مدينة مالمو السويدية صدر على إثرها قرار بترحيله من البلاد.

وأثار “بالودان” الجدل مراراً في السنوات الأخيرة، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أوقفته السلطات الفرنسية ورحّلته، لكن السياسي الدنماركي حصل في وقت لاحق من العام نفسه على الجنسية السويدية، وهو ما منحه “حرية أكبر” في القيام بأفعاله المستفزة للمسلمين بذريعة “حرية التعبير عن الرأي”.

Exit mobile version