سياسة أمريكا بين تدمير أوروبا أو بنائها

بقلم: الدكتور نزار محمود

كيف تقف السياسات الأمريكية تجاه أوروبا وبالتحديد تجاه المانيا وفرنسا؟ مالذي يجتمع عليه الامريكان مع الالمان والفرنسيين وأين يختلفوا؟ لماذا تعارض امريكا تشكيل قوة عسكرية اوروبية في اطار حلف النيتو؟ كيف ولماذا يزعج الامريكان التقارب الالماني الروسي؟ هل سيفرح الامريكان بتعكر العلاقات الاوروبية مع الصين؟ كيف استغل الامريكان الحرب الروسية في اوكرانيا لاعادة سيطرتها على اوروبا؟ هذه الأسئلة وغيرها تعيننا على الاجابة عن السؤال:

هل سينتهي موقف امريكا وسياساتها تجاه اوروبا الى بنائها وتقويتها أم الى اضعافها وحتى تدميرها؟

بالطبع، لن تكون الاجابة بنعم أو لا، بتلك السهولة والقطعية. فالأمر يتوقف على عوامل كثيرة ومرهون بالمتغيرات.

لقد أتاحت الحرب العالمية الثانية بما انتهت اليه من نتائج، الفرصة الكبيرة لامريكا في السيطرة على أوروبا الغربية، بعد أن أضعفت تلك الحرب هذه القارة التي تقسمت بين غربية وشرقية. هذه السيطرة تجلت في عوامل القوة الاقتصادية والمالية والعسكرية والاستخبارية والثقافية والاعلامية، اضافة الى السيطرة على المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية، ناهيك عن القواعد العسكرية وشبكات انتشارها لا سيما في بلدان اوروبا الغربية ذاتها.

هذه السيطرة اتاحت لامريكا التحكم في القرار السياسي والاقتصادي والعسكري “لحليفتها” اوروبا الغربية التي انهكتها الحرب العالمية الثانية.

الجميع يرى اليوم كيف تؤثر امريكا على سياسات اقوى دولتين اوروبيتين مثل المانيا وفرنسا وتحديد موقفهما من الحرب الروسية في اوكرانيا وأزمة تايوان مع الصين، وليس أخيراً من القضية الفلسطينية.

وبالطبع فإن الساسة الاوروبيين ليس لهم الا ان يبرروا أمام شعوبهم ما يتخذونه من مواقف وسياسات، ويمنونهم بأن تلك المواقف تخدم صمود اوروبا من أجل مواصلة بنائها.

ان ما نشهده من اضطرابات اقتصادية ومالية في اوروبا كذلك انما هو مرحلة وقتية، وضرورة لردع التغول الروسي والهيمنة الاقتصادية الصينية، هكذا يسوق اعلامهم ويفسر هذه الظروف.

ليس لنا الا أن ننتظر لنرى: هل كانت للسياسة الامريكية من دور في بناء أوروبا أم في هدمها!

برلين، 18.03.2023

Exit mobile version