مدريد والرباط.. هل تعود العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها؟

أخبار القارة الأوروبية – اسبانيا

أزمة دبلوماسية معقدة تطورت بين المغرب وإسبانيا وتصاعدت حدتها حتى سحبت الرباط سفيرها من مدريد، إلا أن هناك توقعات بعودة العلاقات بين البلدين وتحسنها خاصة بعد خطاب ملك المغرب في 20 أغسطس/ آب الجاري، والذي قال فيه إن البلدين ناقشا العلاقات الثنائية منذ الأزمة، وأن الرباط تتطلع  إلى تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين الجارين على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.

مصادر إعلامية تحدثت عن مفاوضات بين الجانبين بدأت عبر وسطاء، أبرزهم ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، وكذلك وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، ثم شرع الطرفان في حوار مباشر قد ينتهي بعودة العلاقات لشكلها الطبيعي.

المغرب كان قد ألقى حجرا في الماء الراكد عندما قرر السماح بعودة مئات القصر المغاربة من إسبانيا إلى ديارهم، وذلك بعد عبورهم مع آلاف المهاجرين الآخرين قبل ثلاثة أشهر إلى جيب سبتة الخاضع للسيادة الإسبانية.

الملك محمد السادس أمر، في 30 أيار/مايو 2021، وزارتي الخارجية والداخلية، باستعادة القاصرين المغاربة الموجودين في إسبانيا وجميع الدول الأوروبية، بعدما تحول ملفهم إلى نقطة ضعف ضد المغرب، وهو ما اعتبر بادرة حسن نية قابلته إسبانيا بإزاحة وزيرة الخارجية أرانشا غونزايس لايا، في شهر يوليو الماضي عن منصب وزيرة الخارجية، وهو ما جعل العلاقات تتحسن تدريجيا بين البلدين.

حقيبة الخارجية تولاها، خوسي مانويل ألباريس، الذي أعلن فورا في عدد من التصريحات الصحفية، أن حكومة بلاده بصدد مراجعة شاملة للعلاقات مع المغرب، وهو ما ساهم في تهدئة الأجواء بين البلدين وسط توقعات ببحث الملفات العالقة وحلها بشكل جذري.

ملف الصحراء

أبرز هذه الملفات العالقة قضية الصحراء حيث يسعى المغرب لانتزاع اعتراف إسباني بها بينما ترفض إسبانيا ذلك وتؤكد ضرورة التمسك بالمسار الذي ترعاه الامم المتحدة.

الرباط تريد من إسبانيا عدم الوقوف في وجه مساعي المغرب للحصول على الاعتراف بمغربية الصحراء وهو ما ترفضه الجارة الشمالية حتى الآن.

وتعد قضية الصحراء المغربية هي الشرارة التي فجرت الأزمة بين البلدية وذلك بعد دخول الأمين العام لجبهة بوليساريو،  ابراهيم غالي، لمدريد في أبريل / نيسان من أجل تلقي العلاج من كوفيد-19، وقد استُدعي للمثول بعدها أمام القضاء عبر الفيديو في إطار تحقيقين بتهم “تعذيب” و”إبادة جماعية”. وأثار استقبال إسبانيا لغالي المدعوم من الجزائر غضب الرباط، وقد برّرت مدريد الأمر بأنه “لأسباب إنسانية بحتة”.

معضلة أخرى تقف عائقا أمام تطبيع العلاقات بين الدولتين وهي مسألة مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية في الوقت الحالي ويعتبرهما المغرب جزءا  من أراضيه، خاصة أن سكان المدينتين يعانون من حصار اقتصادي يفرضه المغرب عليهم ما يجعلهم مضطرون لممارسة أنشطة التهريب، حيث تحاط المدينتان بمدن مغربية تعيش في حالة شديدة من الفقر ما يدفع سكان هذه المدن للسعي بشتى الطرق للدخول إلى سبتة ومليلة والهجرة نحو إسبانيا كما جرى في شهر مايو أيار الماضي.

خلاف آخر بين الجانبين يكمن في الخط البحري الذي علقه المغرب في حزيران/يونيو الماضي احتجاجاً على مدريد، حيث أبدى المغرب استعداداً لتليين موقفه تماشياً مع تطورات النقاط الأخرى.

وتعتبر عودة سفيرة المغرب كريمة بنيعيش، إلى مدريد بادرة طيبة تسهل عملية حل الأزمات، حيث لا تم استدعاءها للرباط منذ شهر مايو الماضي.

يأتي هذا فيما نقلت “عربي بوست” عن مصادر مطلعة قولها إن كريمة بنيعيش بعد استدعائها إلى الرباط، ظلت ممسكة بملف المفاوضات مع مدريد، وتواصل الإشراف على العلاقات مع إسبانيا من الرباط، وهي من دبَّرت المفاوضات وأجرت اتصالات مع كل من السفير الإسباني بالرباط، ومساعدة وزير الخارجية الإسباني لشؤون المغرب العربي.

ويُرتقب بعد عودة العلاقات بين المغرب وإسبانيا، أن تُستأنف الرحلات البحرية الاستثنائية بين البلدين على غرار ما كان معمولا به قبل اندلاع الأزمة الديبلوماسية في أبريل الماضي، وقد يتم ذلك خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

Exit mobile version