عاملات الفراولة..  المغربيات يتمسكن بالعمل في إسبانيا

أخبار القارة الأوروبية – اسبانيا

يبلغ عدد العمال المغاربة في إسبانيا ما يزيد عن ربع مليون شخص بحسب إحصاءات وزارة العمل والضمان الاجتماعي منهم قرابة 13 ألف امرأة تعمل بشكل موسمي في حقول الفواكه خاصة الفراولة.

ومع اندلاع أزمة بين مدريد والرباط خاصة بعد أحداث دخول آلاف المهاجرين غير الشرعيين إلى مدينة سبتة الخاضعة للسيطرة الإسبانيا بدأت السلطات الإسبانية التوجه للاستغناء عن العمال الموسميين المغاربة في المجال الزراعي، واستبدالهم بعمالة من الهندوراس.

تستقبل إسبانيا من المغرب آلاف العمال الموسميين سنويا، معظمهم من النساء، حيث يقصدن في الفترة ما بين شهري فبراير ويونيو من كل عام إقليم “هويلبا” جنوبي إسبانيا، للعمل في قطف فواكه الموسم والفراولة بشكل خاص، في إطار برنامج الهجرة بين البلدين.

ويعد المغرب البلد الوحيد الذي تستقبل منه إسبانيا العمالة الزراعية، إلى جانب كولومبيا التي يأتي منها بضع مئات فقط للعمل في منطقة ليريدا.

مصادر إعلامية إسبانية ذكرت أن الحكومة في مدريد وقعت اتفاقية مع جمهورية هندوراس لتنظيم وترتيب تدفقات الهجرة بين البلدين، وهو اتفاق وضع خصيصا لاستقدام العمالة الزراعية، وجاء في خضم تصاعد التوترات الدبلوماسية مع المغرب، المصدر الرئيسي للعمال المؤقتين بالريف الاسباني.

الأمين العام لسياسات الهجرة في اتحاد صغار المزارعين ومربي الماشية، وممثل الاتحاد الفيدرالي في مسألة التوظيف، مانويل بيدرا، قال إن منظمته “طلبت في يونيو 2020 من الحكومة التوقيع على اتفاقية تدفق الهجرة مع هندوراس والإكوادور بسبب زيادة المشاكل مع المغرب”.

وقد وقع الاختيار على هندوراس والإكوادور،  لسهولة اللغة، كونهم يتحدثون الإسبانية، وبسبب التشابه بين الثقافات وسهولة التكيف.

وكانت إسبانيا قد استقبلت العام الماضي، 12750 امرأة مغربية، ضمن هذه العمالة، إذ تعمل آلاف المغربيات سنويا بمنطقة ويلبا الريفية في جنوب غرب إسبانيا، في جني ثمار الفراولة، في إطار برنامج الهجرة المؤقتة بين مدريد والرباط.

منافسة الهندوراس

الاتجاه للاعتماد على العمالة من هندوراس زاد من مخاوف العملات المغربيات من عدم عودتهن الموسم المقبل إلى الحقول الإسبانية، إلا أن المغربيات يتمسكن بالعمل الموسمي في إسبانيا رغم أنهن يعملن في ظروف صعبة داخل الريف الإسباني، ويسكن في شقق يوفرها رب العمل دون دفع إيجار لكنها تكون مكتظة بالنساء، كما يتحملن نفقات الحصول على تأشيرة السفر واختبار كورونا، وفاتورة الماء والكهرباء فضلا عن تكاليف المأكل والمشرب، إضافة إلى اقتطاع مبلغ  كمساهمة في تكاليف العودة.

وتتميز العاملات المغربيات بجدية شديدة في العمل ويتمتعن بخبرة كبيرة في المجال، لكنهن يتعرضن للتهميش والتنمر وأحيانا للتعدي على حقوقهن بسبب عدم قدرتهن على التحاور باللغة الإسبانية.

فالعاملة المغربية تستطيع جني قرابة 12 كيلو من الفروالة في اليوم الواحد وهو رقم قياسي مقارنة بالعاملات الرومانيات اللواتي يتمتعن بمعاملة خاصة ويحزن على الاحترام اللازم بسبب إتقانهن للإسبانية.

وعلى الأغلب لا يتم احترام قانون العمل في إسبانيا بالنسبة للعاملات المغربيات اللاتي لا يستفدن على سبيل مثال من وجود مترجم، ما يقلل من إمكانية التفاوض بشأن ظروف العمل أو التنديد بالانتهاكات المحتملة، وما يزيد الوضع تعقيدا هو أن الإقامة موسمية وتصاريح العمل تقتصر على إقليم معين وقطاع واحد وصاحب عمل محدد، والبدائل لمن لا يقبلن الشروط المعروضة أو الظروف المفروضة عليهن ليست مناسبة فإما البقاء بشكل غير نظامي في إسبانيا أو العودة إلى المغرب دون إمكانية إعادة إبرام العقد.

المغرب وإسبانيا وقعا عقدا في عام 2006 لتنظيم اليد العاملة المغربية بإسبانيا ومكافحة الهجرة غير النظامية ثم تحسين مستوى عيش العاملات، لكن التوظيف يعتمد في المقام الأول على الجنس، ولأول مرة يقع الاختيار على النساء وليس الرجال، في ظل شروط صارمة للغاية، إذ يفضل أن يكن من المناطق الريفية وأن يكون لديهن طفل واحد على الأقل دون 18 عامًا لضمان عودتهن إلى ديارهن.

ما يزيد من أوضاع هؤلاء العاملات سوءا هو اتجاه إسبانيا لتقليل العمالة المغربية مع كل أزمة بين البلدين والبحث عن بدائل من بلدان أخرى ما يجعل هناك نية للتخلي تدريجيا عن اليد المغربية العاملة في حقول الذهب الأحمر الإسباني.

هذه الظروف جعلت الكثير من العاملات المغربيات يفضلن البقاء في إسبانيا كمهاجرات غير نظاميات، خاصة وأن بعض ربان العمل يحولون عقود السيدات اللاتي يعملن في الحقول لأكثر من 12 سنة إلى عقود موسمية دائمة بدلا من العقود المؤقتة مما يعني حقوقا أكثر وإقامة دون مشاكل، وهو ما يزيد من رغبتهن في البقاء داخل إسبانيا ورفض العودة للمغرب.

وتتقاضى العاملات المغربيات في إسبانيا ما يقارب 30 ألف درهم مغربي (حوالي 3 آلاف دولار) مقابل العمل لمدة تقارب 4 أشهر، وأغلب من  يتجهن نحو إسبانيا كل سنة ينحدرن من مناطق قروية في المغرب، وبعضهن يشتكي من المعاملة غير الإنسانية ومن الاعتداءات التي يتعرضن لها في إسبانيا.

ومن المتوقع أن يشهد شهر سبتمبر المقبل انطلاق أولى الرحلات البحرية بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا، وهو ما سيمكن عشرات الآلاف من العاملين المغاربة في إسبانيا من العودة إلى بلادهم لملاقاة الأهل والأحباب، بعدما تعذر عليهم ذلك خلال الصيف، بسبب إغلاق المغرب لحدوده في ظل تفشي وباء كورونا.

Exit mobile version