بعد حديث البابا عن “الأنانية القومية”.. هل يساهم البعد الديني في تخفيف أزمة المهاجرين في أوروبا

أخبار القارة الأوروبية – متابعات

خلال زيارته لليونان بعد قبرص في شرق البحر المتوسط أظهر بابا الفاتيكان “فرنسيس الأول” تركيزا شديدا على قضية اللاجئين والمهاجرين وعملية استقبالهم انتقد الماقف الأوروبية من هذا الملف.

يأتي هذا بعدما وجهت 36 مجموعة ناشطة في اليونان هذا الأسبوع رسالة للبابا، تجذب انتباهه إلى مسألة حق الناس في المخيمات وتطلب منه المساعدة في وقف إجراءات إعادة المهاجرين، غير القانونية، والتي يقوم بها حرس الحدود اليونانيون.

البابا ينتقد “الأنانية الأوروبية”

البابا انتقد السبت الماضي ما وصفها بـ”الأنانية القومية” في الاتحاد الأوروبي لما اعتبره غياب التنسيق في مسألة الهجرة، وذلك في مستهل زيارته إلى اليونان.

وقال البابا إن أوروبا “تمزقها الأنانية القومية” حيال إدارتها لأزمة الهجرة، وذلك خلال لقائه نائب رئيسة المفوضية الأوروبية “ماغريتيس سخيناس” والرئيسة اليونانية “كاتيرينا ساكيلاروبولو” ورئيس الوزراء “كيرياكوس ميتسوتاكيس” ومسؤولين آخرين.

واعتبر البابا أن المجتمع الأوروبي “يواصل المماطلة” و”يعاني كما يبدو في بعض الأوقات من العجز وانعدام التنسيق” بدلا من أن يكون “محركا للتضامن” في مسألة الهجرة.

ويأمل الحبر الأعظم أن يزور ليسبوس مجددا، وهي الجزيرة التي كانت صلب أزمة المهاجرين في 2015، “كحاج إلى ينابيع الإنسانية”، للدعوة إلى دمج اللاجئين.
ومن المتوقع أن يزور الحبر الأعظم المخيم مع مسؤولين بارزين من اليونان والاتحاد الأوروبي، وسيلتقي عائلتين “يتم اختيارهما عشوائيا”، كما قال مسؤول.

وقبيل زيارة البابا وصل قرابة ثلاثين طالب لجوء قرب المخيم يوم الأربعاء الماضي، فيما شهد الجمعة، انتشال جثتي مهاجرين، رجل وامرأة، كانا مع ثلاثة مهاجرين آخرين تم إنقاذهم، بعد أن انقلب الزورق السريع الذي كانوا يستقلونه قبالة سواحل جزيرة كوس.

وقال خفر السواحل اليوناني في بيان إن القارب انقلب “بسبب ارتفاع الأمواج وسوء الأحوال الجوية وعدم القدرة على التعامل مع الظروف”. ولم يتم الكشف عن جنسيات أي من هؤلاء المهاجرين.

وجاء الحادث بعد أيام قليلة من افتتاح السلطات مخيما جديدا في الجزيرة لاستقبال المهاجرين، ضمن سلسلة من المخيمات تم تدشينها في جزر مجاورة منها ليروس.

وتسود مخاوف لدى الجهات المعنية في اليونان من موجة هجرة جديدة قد تشهدها البلاد، خاصة من أفغانستان، بعد سيطرة حركة طالبان المتشددة على مقاليد الحكم هناك.

وكان خفر السواحل اليوناني قد أعلن أمس الخميس عن إنقاذ 29 مهاجرا، وصلوا إلى سواحل جزيرة “ليسبوس”، وذلك قبيل زيارة مرتقبة للبابا فرنسيس للجزيرة، في إطار جولة شرق متوسطية يسعى خلالها لإعادة تسليط الضوء على ملف الهجرة.

مخيمات مغلقة في اليونان تثير مخاوف المنظمات الإنسانية

تشيد اليونان مخيمات جديدة مغلقة تتميز بكونها محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة وأبراج تحمل كاميرات مراقبة وأجهزة مسح للأشعة السينية، كما أنها مجهزة ببوابات مغناطيسية تغلق ليلا.

كما تتمتع تلك المخيمات ببنى تحتية جديدة، وهي مزودة بنقاط مياه جارية ومراحيض وستحظى بالمزيد من الأمان، وهذه كلها ميزات لم تكن موجودة في المرافق والمخيمات السابقة، وخصص الاتحاد الأوروبي 276 مليون يورو للمخيمات الجديدة.

وأثارت عدة منظمات إنسانية وحقوقية وجماعات إغاثة مخاوف بشأن تلك المخيمات الجديدة، بحجة أنه لا ينبغي تقييد حركة الناس.

وكانت 36 جمعية ومنظمة معنية بشؤون المهاجرين في اليونان قد حثّت البابا في بيان على المساعدة لوقف عمليات الإعادة القسرية التي تنفذها السلطات اليونانية في بحر إيجة.

وجاء في البيان، الذي وقعته كل من منظمة “أطباء العالم” و”خدمة اللاجئين اليسوعية”، والذي تم الكشف عنه خلال مؤتمر صحفي عقدته المنظمات الخميس الماضي، أن “التقارير المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث عبر الحدود الأوروبية، والتي وصلت إلى حد دفع الناس للعودة إلى تركيا، أيدتها المنظمات الدولية”.

وأضاف “هذه الممارسة المنهجية تعرض حياة الناس، بمن فيهم الأطفال الصغار، للخطر. إذ ينتهي بهم الأمر غالبا في وسط البحر… يجب أن تنتهي هذه الممارسات غير القانونية، ونطلب منك استخدام كل نفوذك لوقف ذلك ولإنشاء آلية مراقبة حدودية مستقلة من شأنها التحقيق في هذه الأحداث”. ووفقا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة، يوجد حاليا حوالي 96 ألف لاجئ وطالب لجوء في اليونان.

زيارة البابا لقبرص

وكان البابا قد زار قبرص قبل اليونان وخلال زيارته دعا إلى مزيد من التسامح والانفتاح على المهاجرين الفارين من الاضطهاد في بلادهم، وذلك بعدما أعلن قبيل زيارته عزمه نقل 50 مهاجرا من الجزيرة العضو في الاتحاد الأوروبي إلى إيطاليا، كبادرة ترمز إلى إمكانية إيجاد حلول لذلك الملف.

زيارة البابا التي شغلت المؤسسات والمنظمات المتابعة لشؤون الهجرة واللجوء، تأتي في وقت تشهد فيه أوروبا مزيدا من التشدد في ما يتعلق باستقبال وافدين جدد، وسط تقارير عن ارتفاع في عمليات الإعادة التي تنفذها بعض الدول بحق مهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، مثل إسبانيا وإيطاليا، فضلا عن سعي أوروبا لدعم بولندا في موقفها من أزمة الهجرة على حدودها من خلال السماح للسلطات باحتجاز المهاجرين لأشهر.

رئيس قبرص “نيكوس أناستاسيديس” قال إن الشعب القبرصي “يعرف ألم الاقتلاع واللجوء من ديار أجدادهم”، مؤكدا أنه يتفق مع مبادئ البابا لصالح المهاجرين، “الترحيب والحماية والتعزيز والاندماج”، مع التشديد على أن قبرص واجهت “صعوبات لا حصر لها في إدارة الأزمة”.

وأدى الارتفاع الأخير في أعداد المهاجرين الوافدين إلى جزيرة قبرص إلى تكثيف المشاعر اليمينية المتشددة والقومية، ما انعكس على أداء الحكومة في ملف الهجرة خاصة بسعيها لوقف معالجة طلبات اللجوء. كما أدت تلك الظروف إضافة إلى اتهام تركيا بنقل المهاجرين عبر الحدود، إلى تعميق العداء بين الشمال والجنوب.
ويعبر معظم الوافدين الجدد من الشمال الخاضع للسيطرة التركية عبر المنطقة العازلة (الخط الأخضر) التي تقسم الجزيرة .

وتم تقسيم البلاد فعليا منذ عام 1974، بعد غزو تركيا للأراضي الشمالية بحجة حماية القبارصة الأتراك. وتسيطر حكومة جمهورية قبرص المعترف بها دوليا على الثلثين الجنوبيين من الجزيرة، في حين تسيطر تركيا على الثلث الشمالي المتبقي والقائم باسم الجمهورية التركية لشمال قبرص، المعترف بها من قبل تركيا فقط.

Exit mobile version