“رديارد كبلنغ”.. أصغر كاتب حاصل على جائزة نوبل

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

كان “جوزيف رديارد كبلنغ” كاتباً وشاعراً إنجليزياً، ولد في بومباي، بالهند، من أهم أعماله “كتاب الأدغال” ” The Jungle Book” وهو عبارة عن قصة قصيرة، وحصل هذا الكاتب على جائزة نوبل سنة 1907 وبذلك يكون هو أصغر حائز على جائزة نوبل، وأول كاتب باللغة الإنجليزية يحصل عليها.

ولد “رديارد كبلنغ” في بومباي، في 30 ديسمبر/ كانون الأول 1865 بالهند، وكان والده فنانًا وعالمًا إنجليزيًا، وتعهد الخدمُ الهنود لـ”كبلنج” بالرعاية، ودرس اللغة الهندستانية على أيديهم قبل أن يدرس الإنجليزية، وعندما بلغ الخامسة أرسله أبواه إلى المدرسة في ساوث‌سي في هامبشاير بإنجلترا، وعاش مع وصيٍّ عامله بقسوة، وقد عبر كبلنج عن تجارب طفولته المبكرة غير السعيدة في بعض قصصه.

وفي سن الثانية عشرة التحق “كبلنغ” بكلية الخدمات المتحدة في ديڤون بإنجلترا، وكانت هذه المدرسة قد أنشئت بصفة خاصة لتعليم أبناء الضباط العسكريين، الذين لم يكونوا قادرين على الالتحاق بالمؤسسات التعليمية المرتفعة التكاليف.

وكتب عن هذه المدرسة في مجموعة قصصية بعنوان ستولكي وشركاه (1899) وقد تحمَّل التخويف والنظام الصارم في المدرسة وأقام صداقات ونمى قدراته الأدبية. وفيما بعد عَدَّ كبلنج هذه المدرسة نموذجًا لتدريب قادة المستقبل البريطانيين.

وعندما بلغ سن السابعة عشرة، رفض عرض والديه لإلحاقه بالجامعة، وبدلاً من ذلك رجع إلى الهند والتحق بهيئة موظفي الجازيت المدنية والعسكرية الرسمية، وهي صحيفة كانت تصدر في لاهور (في باكستان الآن).

وعلى الرغم من ضغوط الوظيفة بدأ بعد وقت وجيز في كتابة القصائد والقصص القصيرة. وقد نشر العديد من هذه الأعمال المبكرة في هذه الجريدة وفي جريدة “الله أباد بيونير”، وسافر إلى إنجلترا عام 1889م للعمل مراسلاً لـ”لگازيت”، وبعد وصوله بوقت قصير نشرت جريدة التايمز اللندنية ذات الشهرة العالمية في ذلك الوقت نقدًا امتدحت فيه كتاباته، وقد كان هذا النقد أول وأهم اعتراف به ككاتب.

وفي عام 1892 انتقل “كبلنج” إلى الولايات المتحدة، وكتب هناك رواية بالاشتراك مع صديق أمريكي هو “ولْكُت بالستير”، ولم يحالف كتابهما “نولاكها” Naulakha النجاح أبدًا، وفي عام 1892 تزوج “كبلنج” من أخت “بالستير”، وعاش الزوجان في براتل ‌بورو، ڤرمونت إلى أن انتقلا إلى إنجلترا سنة 1896.

حياته المهنية ككاتب

تتناول معظم أعمال “كبلنج” الأولى عظمة الإمبراطورية البريطانية، وخلال أواخر التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي أنتج عددًا من مجموعات القصص القصيرة، وأشهرها “حكايات بسيطة من التلال” (1888)؛ “جنود ثلاثة” (1888)؛ “الشبح ركشو” (1889)؛ “وي ولي ونكي الصغير”؛ وقصص أخرى (1889). وقد جعل كبلنج من الجنود البريطانيين وعمال الحكومة أبطالاً ووصفهم بأنهم ناشرو العدل في بلاد بعيدة. وتضافرت مهارته الفنية ومعرفته بالهند لتجعل كتاباته مقنعة.

كتب “كبلنج” أول رواية له وهي “الضوء الذي خبا” (1890) بعد عودته إلى إنجلترا من الهند بوقت قصير.

ولم ينل هذا الكتاب شهرة كبيرة أبدًا، ولكنه أظهر أن كبلنج باستطاعته أن يكتب بتعاطف عن مواضيع غير متصلة بالإمبراطورية البريطانية، وتدور الرواية حول جندي فنان شاب يواجه العمى المتوقع وفقدان حب امرأة، ويقدم على الانتحار عن طريق تعريض نفسه لنيران العدو عن قصد.

وعندما نُشِرت “قصائد شعبية من غرفة الثكنات” عام (1892)، وهي مجموعة من القصائد كتبت بلهجة الكوكني اللندنية، نال كبلنج مزيدًا من الشهرة.

ويقدم النصف الثاني من هذا الكتاب وصفًا للجندي تومي أتكنس ومتاعبه من الأيام التي قضاها مجندًا في الجيش حتى تقاعده عن الخدمة العسكرية، وكان الكتاب الأول من نوعه في الأدب الإنجليزي الذي يصف بطولة الجندي البريطاني العادي وتفانيه الهادئ في القيام بواجبه. ويحوي قصائد شعبية قصائد مشهورة مثل، “داني ديڤر”؛ “فزي وزي”؛ “جنجا دن”؛ “الطريق إلى مندلاي”.

وكسب “كبلنغ” جمهورًا عالميًا كبيرًا من القراء بقصصه التي كتبها للأطفال. وأشهر مجموعاته القصصية كتاب الغابة (1894م)؛ كتاب الغابة الثاني (1895م) حكايات تمامًا هكذا (1902م).

ويصف كتابا الغابة مغامرات موجلي، الطفل الهندي الذي يضل طريقه في غابة، ويجد الحماية مع عائلة من الذئاب. وقد جعل كبلنج الغابة تبدو عالمًا سياسيًا واجتماعيًا متكاملاً. كذلك جعل لكل حيوان طريقة مميزة في التفكير والتمثيل. وقد أقلق وجود “موجلي” وذكاؤه الإنساني جماعة الحيوان، وبعد مرور عدد من السنين عاد ليعيش بين بني البشر. وتجيب حكايات تمامًا هكذا بمنطق غريب الأطوار عن أسئلة مثل: من أين أتى النمر برقطاته؟ وكيف حصل الفيل على خرطومه؟.

وكتب “كبلنغ” أيضًا روايتين شعبيتين أبطالهما من الأولاد الصبيان. وتحكي القواد الشجعان (1897) عن مغامرات مراهق في أمريكا على ظهر مركب صيد من طراز إنجلترا الجديدة. وكيم عام 1901 قصة مغامرات ولد يتيم توفي أبواه الأيرلنديان في الهند. وتقدِّم الرواية صورة حيَّة للمجتمع الهندي.

وقد بدأ “كبلنج” في بداية القرن العشرين، الكتابة جديًا عن الناس في إخلاصهم ونفعهم للبريطانيين. وسافر إلى جنوب إفريقيا، مراسلاً ليغطي حرب البوير والإنجليز (1899 – 1902)، التي حقَّقت فيها بريطانيا السيطرة على جمهوريتين إفريقيتين. وتعكس قصته الطرق والاكتشافات (1904) التي كتبها بعد عودته من جنوب إفريقيا قليلاً من إنسانيته السابقة.

وحصل على جائزة نوبل في الأدب سنة 1907 عندما كان يبلغ 42 عاما وبذلك يكون أصغر وأول كاتب باللغة الإنجليزية يحصل عليها، وأصبح “كبلنغ” غير محبوب بدرجة متزايدة لأن الكثير من الناس بدأوا في معارضة الاستعمار. وبدأت شهرته بين النقاد تخبو بعد سنة 1910 وتوفي في العام 1936 عن عمر ناهز 71 عاما. ورغم ذلك يتفق النقاد اليوم بصفة عامة على أن كبلنغ كان كاتبا مشهورا، ساهم بأعمال عديدة مُهِمَّة في الأدب.

Exit mobile version