الهند اليوم في حسابات الغرب وحسابات الشرق

بقلم: الدكتور نزار محمود

لقد أصبحت الهند ذات تاريخ الخمسة آلاف سنة أكبر دول العالم في تعداد سكانها، بعد أن تخطت عدد سكان الصين قبل وقت قصير لتقترب من مليار ونصف نسمة. وهي دولة يتراوح ثقلها الاقتصادي بين الخامس والسادس في العالم. كما انها القوة النووية السادسة ولها جيش يتجاوز عدد أفراده المليون وذات تصنيع عسكري لا يستهان به. أن ذلك الثقل، مع كثرة عدد سكانها لا يجعلها من المجتمعات الثرية في حسابات معدل دخل الفرد.

وفي ظل التوترات العالمية الكبيرة بين الغرب وروسيا بسبب الحرب الاوكرانية من جهة، والغرب والصين على أثر الأزمة التايوانية، من جهة أخرى، فقد أصبح للهند مكانة متميزة في كسبها أو على الأقل تحييد دورها بالنسبة لأطراف النزاع.

والهند كانت منذ استقلالها عضواً فاعلاً  في منظمة دول عدم الانحياز، لا بل وكانت من بين الدول المعادية للاستعمار بأشكاله المختلفة. هذا الموقف كان وراء صداقتها مع الصين والاتحاد السوفيتي سابقاً خلال فترة الحرب الباردة. في ذات الوقت كانت للهند علاقات تعاون متميزة مع اسرائيل وفرنسا في المجال العسكري كذلك.

غير ان تبدل الجغرافية السياسية والعسكرية منذ العام 1990 قد دفع بالهند الى تطوير علاقاتها بالولايات المتحدة الامريكية، وربما دفع الاخيرة بتقوية علاقاتها مع الهند.

وخلال العقود الخمسة الماضية كان للهند مشاكلها وتصادماتها العسكرية لا سيما مع الباكستان بسسب قضية كشمير، وكذلك مع الصين، وكلها دول نووية، وبالتالي يخشى من تصاعد الصراع الذي بقي لي حدود معينة وفي اطار استخدام اسلحة تقليدية وخفيفة نسبية.

واليوم، ومنذ اندلاع الحرب الروسية في اوكرانيا، التي يشارك فيها الغرب بصورة غير مباشرة، والاستفزازات التي ترتفع وتهبط بسبب الأزمة التايوانية، ومع تصاعد الحرب بين روسيا والغرب، بدأت ملامح تحالفات سياسية وعسكرية، وهو أمر يدعو الى أخذ حساب كسب الهند بالاعتبار الى هذا المحور أو ذاك. لقد سعى الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الى خلق اشكالات بين الهند والصين من ناحية، والى محاولة ضم الهند الى تحالف رباعي مع استراليا واليابان وامريكا من ناحية ثانية، لكنه لم ينجح.

وفي خضم التوتر مع الصين وممارسة الضغوطات الاقتصادية عليها، يقوم الغرب بتحويل بعض من صناعاته في الصين الى الهند، مثلما يجري مع نقل تصنيع هاتف الآيفون الأمريكي مثلاً من الصين الى الهند.

غير ان الهند وسياساته ليست لقمة سائغة سواء بالنسبة للغرب أو الشرق في كسب تحالفها ازاء التوترات العالمية القائمة أو جرها الى خندق مواجهة عسكرية.

Exit mobile version