“روبرت بويل”…أحد مؤسسي الكيمياء الحديثة

"روبرت بويل"...أحد مؤسسي الكيمياء الحديثة

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

يعد “روبرت وليام بويل” واحد من مؤسسي الكيمياء الحديثة، وأح أهم رواد الطريقة العلمية التجريبية الحديثة.

ولد “روبرت بويل” في 25 يناير 1627 في قلعة لايمور، مقاطعة وترفورد، أيرلندا، وفي عام 1644 بعد جولتة في أوروبا القارية مهتما بالبحث العلمي، بعد عام من وفاة والده الذي ترك له مزرعة ستالبريدجي في دورست، إنجلترا، غير ممتلكاته التي حصل عليها في مقاطعة ليميريك، أيرلندا.

 منذ ذلك الوقت، كرس “”روبرت: حياته للبحث العلمي، وسريعا ما أخذ مكانا بارزا في مجموعة بحثية باسم الكلية الخفية (مجموعة بحثية إهتمت بتطوير الفلسفة الجديدة وهي الأصل الممهد للجمعية الملكية). حيث كان يقابلهم في لندن، وتحديدا في كلية جريشام أوجامعة أكسفورد.

بدأ “روبورت” بالسفر لمباشرة أعماله في إيرلندا منذ عام 1647، إلى أن انتقل إليها في عام 1652.

 لم يكن سفره بالأمر الجيد لمسيرته العلمية نتيجة لتعرضة للتشتيت وعدم قدرته على متابعه أعماله الكيميائيه. وصف بويل إيرلندا في إحدي خطاباته واصفا إيها بالبلد الهمجية، والتي لا يفهم سكانها شيئا عن علم الكيمياء.

في عام 1654، غادر بويل إيرلندا متوجها إلى أكسفورد ليواصل عمله بنجاح، يوجد له نقش على حائط كلية بالجامعة (يسمى الآن بموقع النصب التذكاري شيلي) موضحا البقعة التي كانت حتى القرن التاسع عشر ساحة الجامعة. إستاجر بويل غرف من صيدلي ثري يمتلك القاعة.

تطوير مضخة الهواء

اقتداءا بنموذج “أوتو فون غيريكا” لمضخة الهواء عام 1657، قرر بمساعدة “روبرت هوك” أن يطور هذه الآلة، لينجح في عام 1659 أن يصنع ألة “بويلينا” وتسمى أيضا محرك بنيوماتيكال، ثم بدأ بعد ذلك بإجراء سلسلة من التجارب لدراسة خواص الهواء. نشرت ملخص أعمال بويل مع مضخة الهواء في عام 1660 تحت عنوان تجارب جديدة للفيزياء الميكانيكية.

قائمة الاختراعات المحتملة

كتب بويل قائمة أمنيات بالاختراعات المتوقع ظهورها قريبا شملت إطالة عمر الإنسان، فن الطيران، الضوء الأبدي، صناعة دروع خفيفة وصلبة للغاية، سفن تسير بالرياح فقط (السفن الشراعية)، سفن غير قابلة للغرق، طرق مؤكده لتحديد خطوط الطول، مخدرات هلوسة، ذاكرة محمولة، وأدوية لتهدئة الألام، أدوية منومة، أدوية طاردة للأحلام السيئة. كانت هذه القائمة مجرد خيال في عقله آنذاك وبالفعل تم تحقيق أكثر من أمنية في هذه القائمة.

عندما كان “بويل” في أكسفورد في ذلك الوقت منح لقب فارس، بدأ إعطاء هذا اللقب في أكسفورد بأمر ملكي قبل وقت قليل من وصول بويل. شهدت الفترة الأولى من وصول بويل بالعديد من أحداث العنف داخل البرلمان، وتعرف هذه الفترة بالفترة الأكثر سرية لترقية الأفراد للقب فارس.

في عام 1668 غادر “بويل” أكسفورد متجها إلى لندن ليقيم في منزل مع أخته الكبرى “كاثرين جونز”، ليدي رانيل، بال مول، عرف جميع معاصرية مدى تأثير “كاثرين” عليه وعلى أعماله، ولكن لسبب ما لم يذكر أغلب المؤرخين هذا الدور.

السنوات الأخيرة

تعرض “بويل” في عام 1669 لأكثر من نوبة صحية وبدأت صحته بالانهيار، فانسحب تدريجيا من الارتباطات العامة، توقف عن مراسلة الجمعية الملكية، وأعلن عن رغبته في أن يعفى من إستقبال الضيوف ما لم يكن أمرا طارئ أو مناسبة شديدة الأهمية بشرط أن تكون قبل ظهيرة يوم الثلاثاء والجمعة أو بعد ظهر يوم الأربعاء والسبت. في أوقات فراغة قام ترتيب أوراقه، وتحضير العديد من التحقيقات الكيميائية التي أراد أن تترك كتراث له.

ساءت صحته جدا في عام 1691، وتوفي في 31 ديسمبر في نفس العام، بعد أسبوع من وفاة شقيقته التي عاش معها لأكثر من عشرين عامًا، توفي بويل عن عمر يناهز 64 عاما من الشلل، ودفن في ساحة كنيسة سانت مارتن، خطب الأسقف جيلبرت برنت في جنازته، تاركا ع صيته سلسلة من المحاضرات المعروفة الآن بمحاضرات “بويل”.

يرجع سبب اعتبار “بويل” باحث علمي من الدرجة الأولى إلى تطبيقه لمبادئ فرانسيس بيكون الذي ذكرها في كتابه نوفوم أورجانوم (Novum Organum) “أداة جديدة في العلوم”.

إسهاماته العلمية

كان روبرت بويل خيميائيا إعتقد بإمكانية التحويل بين العناصر وبعضها، وقام بإجراء العديد من التجارب في محاولة منه لإثبات صحة رأية، ولكنه لم يستطع تحقيق ما يذكر. لم يكن حظه من الفيزياء كحظة في الكيمياء، فلم يكن اكتشافه لقانون “بويل” هو العمل الفيزيائي الوحيد الشهير له، فيرجع لبويل الفضل في اكتشاف أن تغلل الهواء في كائن ما يولد صوت، غير دراسته القيمة عن تجمد المياة، الجاذبية الخاصة، ظاهرة الإنكسار، البلورات، الكهرباء، الألوان والموائع. بالرغم من تأثيره الكبير في الفيزياء كانت الكيمياء هي المادة المفضلة لدية.

يعتبر كتاب الكيميائي المتشكك هو أول كتابات “بويل”، نشر عام 1661. ناقش بويل في هذا الكتاب التجارب التي حاول فيها العلماء إثبات أن الملح، الكبريت والزئبق هي المواد الأساسية الحقيقية. كما حاول إثبات أن الكيمياء هي علم تكوين المواد لا علم مساعد للخيميائين والأطباء.

صنف “بويل” المواد على حسب حالتها المادية وفرق بين أنواع مختلفة من المركبات والأخلاط. فإكتشف طريقة للكشف عن مكونات أي مركب أو خليط وسمى الطريقة التحليل. وإقترح بعد ذلك أن العناصر تتألف من جزيئات مختلفة من الأنواع والأحجام لا نستطيع فصلهم بأي طريقة معروفة في الوقت الحالي. لبويل العديد من الإسهامات في مجال كيمياء الإحتراق، علم وظائف الأعضاء والطفيليات وخصوصا دراسة البكتيريا.

الإهتمامات اللاهوتية

بالإضافة إلى الفلسفة، كرس “بويل” الكثير من الوقت لعلم اللاهوت، مركزا على الجانب العملي غير مكترثا بالجدل المثار في ذلك الوقت.

 فمع تعيين ملك جديد للبلاد عام 1660، تلقى “بويل” قبولا حسنا في المحكمة، وفي عام 1665، رفض بويل منصب أسقف في كلية إيتون، لاعتقاده أن كتاباته عن المواضيع الدينية كفرد عادي أفضل وأجود من كتاباته عندما يعمل بها ويتلقى راتبا منها.

شارف “بويل” على الحملات التبشيرية المسئولة عن نشر المسيحية في الشرق عندما كان مديرا لشركة الهند الشرقية، بتمويل هذه الحملات وتوفير الأموال اللازمة لترجمة الكتاب المقدس أو أجزاء منه إلى لغات مختلفة على حسب البلد المراد دخولها.

إقرأ أيضا: فان هيلمونت.. مؤسس الكيمياء الغازية

دعم “بويل” سياسة تحويل لغة الكتاب المقدس إلى اللغة العامية للبلد، نشرت نسخة للعهد الجديد باللغة الأيرلندية في عام 1602 ولكنها كانت نادرة وغير متوفرة في حياة بويل. في الفترة ما بين 1680 و 1685 أشرف بويل شخصيا على عملية طباعة الكتاب المقدس العهد القديم والجديد من ماله الخاص، في إيرلندا.

اهتم “بويل” بدراسة علم الأعراق، فكان رائدا في دراسة الأجناس، مؤمنا بأن جميع البشر مهما كانت أشكالهم أو ثقافتهم إنحدروا من أصل واحد: آدم وحواء. لإثبات ذلك قام بويل بدراسة قصص عن آباء وأمهات أنجبوا أطفال بألوان مختلفة. وذكر أن آدم وحواء كانوا بيض اللون وأن القوقازيين قادرين على إنجاب جميع الألوان والعروق.

طور “بويل” نظرية “روبرت هوك” و”إسحاق نيوتن” عن الألوان وطبيعة الضوء في خطابات بوليجينيسيس، متوقعا أن هذه الاختلافات بين الألوان ترجع إلى انطباعات منووية. بأخذ ذلك في الاعتبار، قد يعتبر بويل من أوائل من قاموا بالبحث في أصول العروق ووجد تفسيرا مناسبا على حسب إمكانيات عصره، حقيقة إلى أننا نعلم الآن أن لون البشرة يعتمد على الجينات والتي تنتقل عن طريق السائل المنوي.

في وصيته، أوصى بويل بمبلغ من المال لتحضير سلسلة من المحاضرات للدفاع عن الدين المسيحي ضد المهاجمين كالملحدين والربوبيين، اليهود والمسلمين.

التكريمات والجوائز

ميدالية روبرت بويل للعلوم التحليلية.

كأحد مؤسسي الجمعية الملكية، تم انتخاب بويل عضوا في الجمعية في عام 1663، وسمى قانون “بويل” للغازات على اسمه تكريما له.

كما خصصت الجمعية الملكية قسم الكيمياء جائزة باسمه للمتميزين في العلوم التحليلية/ لم تكن تلك هي الميدالية الوحيدة المسماة على اسمه، ففي عام 1899 تم تخصيص ميدالية “بويل” للتفوق العلمي في أيرلندا، تمنحها الجمعية الملكية في دبلن بالاشتراك مع التايمز الأيرلندية.

في عام 2012، قام معهد ووترفورد للتكنولوجيا بإنشاء مدرسة “روبرت بويل” الصيفية بدعم من قلعة لايمور. وهي مدرسة تنظم فاعليات سنوية لتكريم تراث “روبرت بويل”.

Exit mobile version