طبول الحرب تدق بين روسيا وأوكرانيا.. وتحرك بريطاني وأمريكي

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

تزداد الأجواء في القارة الأوروبية سخونة مع دق طبول الحرب على الحدود الأوكرانية الروسية، وهو الصراع الذي ينذر بحرب عالمية جديدة، قد تشتغل وتجر أطرافا من خارج القارة العجوز أبرزه الولايات المتحدة.

التوتر يزداد بسبب الحشود العسكرية لا سيما من جانب روسيا والتي تتحرك في أكثر من منطقة وبأكثر من طريقة بهدف توسيع مجال نفوذها وصدّ حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ولاستعراض قدراتها العسكرية أمام الجيوش الغربية.

ولا تحدث المناوشات العسكرية البحرية والجوية خصوصا بين روسيا من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة ثانية، صدفة ولا عن طريق الخطأ، بل فيها الكثير من الرسائل من الطرفين.

تمدد غربي تجاه مناطق النفوذ الروسي

يسيطر المتمردون الموالون لروسيا على أجزاء واسعة من شرقي أوكرانيا منذ اندلاع حرب شرسة هناك قبل حوالي ثمانية أعوام.

منذ عام 2004، بدأ الناتو في ضم دول من أوروبا الشرقية كانت جزءا مما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي الذي تفكك في عام 1991، وهو ما يثير غضب الجانب الروسي كثيرا، حيث ضم حلف الناتو في عام 2004، 7 دول من أوروبا الشرقية إلى الناتو، هي بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، ثم التحقت بها كرواتيا وألبانيا عام 2009.

وراقبت روسيا كل هذا التمدد الغربي بتوجس كبير، مما دفع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” سنة 2008 لتحذير الدبلوماسيين الأميركيين، من أن أي خطوة لضم أوكرانيا إلى الناتو ستكون “عملا عدائيا تجاه روسيا”، ليضع “بوتين” بذلك خطا أحمر أمام الأميركيين والناتو.

وزادت الأوضاع حدة عندما نشرت الولايات المتحدة منظومة الدفاع “إيجيس آشور” (aegis ashore) في كل من رومانيا وبولندا، وهي منظومة دفاع صاروخي سبق للرئيس الروسي أن حذر منها، وقال إنه بتعطيل بسيط في أنظمتها يمكن أن تصل إلى موسكو في 10 دقائق فقط.

وتوعد “بوتين” بتوجيه صواريخ بلاده الإستراتيجية إلى هذه الدول التي تستضيف الصواريخ الأميركية، كجزء من المعاملة بالمثل.

تحركات روسية

وحشدت روسيا قواتها على حدود أوكرانيا، لكنها تنفي التخطيط لغزوها، وقدمت موسكو سلسلة من المطالب، بما في ذلك أن يستبعد حلف شمال الأطلسي (ناتو) ضم أوكرانيا إلى عضويته، وأن يقلص وجوده العسكري في أوروبا الشرقية.

وقد رفضت الدول الغربية تلك المطالب، واقترحت بدلاً من ذلك مجالات أخرى للتفاوض، على سبيل المثال المحادثات بشأن تقليص الأسلحة النووية.

ويرى أستاذ الشؤون الدولية “جيرارد تول” في جامعة “فيرجينيا تيك” الأميركية، أن عن هدف “بوتين” الرئيسي من كل هذه التحركات، وهو “إعادة أمجاد روسيا العظيمة”، وليس إحياء الاتحاد السوفياتي كما تذهب بعض التحليلات.

وفي صيف سنة 2021، كتب الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” مقالا يؤكد فيه أنه لن يسمح لأوكرانيا بأن تكون دولة عدوة لروسيا، لأن الروس والأوكرانيين “شعب واحد”.

البحر الأسود

روسيا تنظر إلى البحر الأسود على أنه منفذها للبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي لا تريد السماح لدول مثل أوكرانيا أو جورجيا بالانضمام للناتو، حتى لا تصبح تحت رحمة الحلف أو الدول المنتمية له.

ولا تدخر روسيا أي جهد في توسيع نفوذها في البحر الأسود الذي يمنحها العبور الدافئ للغاز وللسفن، عندما تتجمد بقية الموانئ الروسية زمن الصقيع.

ويدرك الغرب هذا الواقع ويعرف الرغبة الروسية في توسيع نفوذها في البحر الأسود، وما يخشاه أكثر أن سيطرة أكبر لروسيا على هذا البحر ستعني توجها روسيًا نحو المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، والبحث هناك عن شركاء ونفوذ جديد يقلق الغرب.

ولإظهار جديتها في التعامل مع البحر الأسود، لم تتردد البحرية الروسية في إطلاق طلقات تحذيرية على حاملة الطائرات البريطانية “الملكة إليزابيث” عند مرورها قرب جزيرة القرم، حينها اعتبرت روسيا أن البريطانيين يعتدون على مياهها الإقليمية، بينما كان الرد البريطاني هو أن تلك المياه هي مياه دولية.

كما أن اختلاف التقدير بين الغرب وروسيا حول مناطق النفوذ في البحر الأسود، جعلت منه واحدا من أكثر البحار خطرا، من حيث التوتر العسكري.

وبحسب المركز الإستراتيجي للدراسات الدولية الأميركي (CSIS)، فإن روسيا تنظر للبحر الأسود على أنه كتلة مائية عازلة ومهمة، تحميها من أي تقلبات سياسية أو عسكرية يمكن أن تأتيها من الجنوب أو الشرق، مما يعني أنها تدخل في المناطق الحيوية لأمنها.

وبحسب نفس المركز، فإن التقدير الروسي للوضع في البحر الأسود، هو تنامي النفوذ الغربي في هذه المياه، وترى موسكو أن جزءا من روسيا ضمن مدى الصواريخ الأميركية المتوسطة المدى، والمحمولة في حاملات الطائرات.

مناوشات جوية

أما جوا، فلا تتوقف المناوشات بين سلاح الجو الروسي من جهة وسلاح الجو البريطاني والأميركي من جهة ثانية، وهي مناوشات تحصل لاستعراض القوة واختبار سرعة رد الفعل لدى الطرف الآخر.

وتعد أكثر مناطق المواجهات الجوية بين روسيا والولايات المتحدة في سماوات البحر الأسود، وأيضا في المحيط الهادي حيث لا تتوقف عمليات الاعتراض بين الطرفين.

وبحسب مراقبين، فإن سبب هذا التوتر الجوي هو أن هذا المحيط يعد ممرا بحريا مهما لحاملات الطائرات وكذلك للغواصات النووية، وهو ما دفع سلاح الجو الأميركي لاعتراض طائرة استطلاع للغواصات النووية كانت تحلق في المحيط الهادي، خشية رصدها لأي غواصة نووية أميركية.

وفي البحر الأسود، اعترض سلاح الجو الروسي نهاية عام 2021، مقاتلتين فرنسيتين من طراز “ميراج 2000″ (Mirage 2000) و”رافال” (Rafale) فضلا عن طائرة إمداد من طراز “كا سي-135” (KC-135) تابعة لسلاح الجو الفرنسي، وطائرتي استطلاع أميركيتين.

وبحسب سلاح الجو الروسي، فإن هذه الطائرات اقتربت من المجال الجوي الروسي دون أن تخترقه.

وقد تحركت عدة دول أوروبية لتعزيز الانتشار العسكري للناتو في أوروبا الشرقية. فقد قالت إسبانيا إنها سترسل سفناً حربية للانضمام إلى القوات البحرية للناتو في البحر المتوسط والبحر الأسود، وأعلنت الدنمارك عن إرسال فرقاطة إلى بحر البلطيق.

الولايات المتحدة تمد أوكرانيا بالسلاح

في المقابل سلّمت الولايات المتحدة تسعين طناً مما وصفته بـ “المساعدة الفتاكة” لأوكرانيا، بعد يوم واحد من محادثات روسية أمريكية في جنيف حول الأزمة الأوكرانية.

وتعد الشحنة، التي وصلت إلى كييف اليوم، الأولى في أعقاب وعد جديد من الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا.

وقالت السفارة الأمريكية في كييف إن الشحنة تضمنت ذخيرة للقوات الأوكرانية على خطوط الجبهة لتمكينها من مواجهة أي اعتداء روسي.

وكانت الولايات المتحدة قد وافقت في الأيام الأخيرة على اقتراحات من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا بإرسال أسلحة أمريكية إلى أوكرانيا تشمل صواريخ مضادة للدروع وللطائرات.

يأتي هذا في وقت حشدت موسكو فيه 100 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا، لكنها تنفي وجود أي خطط لديها لغزو جارتها.

وما يثير القلق في الأزمة الأوكرانية هو احتمالية اندلاع المعركة في أي لحظة ومع أي طارئ ما يجعل الكثير من القوى الإقليمية والعالمية تتورط بشكل أو بآخر في هذا الصراع، فالأزمات والحشود المتبادلة تجعل انزلاق الأمور أمرا واردا في أي لحظة ولنا في شرارة اندلاع الحروب تاريخيا خير مثال على سهولة انفجار الأوضاع.

Exit mobile version