التمييز في العمل.. أبرز مشاكل الاندماج في السويد

أخبار القارة الأوروبية- تقارير

يعاني المهاجرون في السويد من مشاكل عدة تخص عملية تأقلمهم لكن أبرزها هي مشكلة التمييز في العمل، حيث تقل فرص من يحملون أسماء أجنبية أو يرتدون ملابس لا تتفق مع آراء من يعرضون الوظائف.

التمييز في العمل بسبب الملابس أو الأسماء غير السويدية من أبرز المشاكل التي يواجهها المولودون خارج السويد، بخاصة الإناث.

الاسم السويدي أهم من الخبرة في العمل

نتائج دراسة أجراها معهد تقييم سياسة سوق العمل والتعليم IFAU عام 2018، بعنوان “الاسم السويدي أهم من الخبرة عند البحث عن عمل”، أثبتت نتائجها أن من يحملون أسماء عربية تلقوا إجابات أقل بكثير على طلبات التوظيف ممن يحملون أسماء سويدية، دون أن تلعب خبرة العمل السابقة دورا مهما في التفاعل مع الطلبات.

الفريق البحثي أرسل 10000 طلب وهمي لـ 3300 إعلان وظائف لا تشترط مؤهلات علمية عليا أو خبرة عمل سابقة نشرت على موقع خدمة التوظيف العامة التابع لوزارة العمل عام 2018، فكانت نسبة الاستجابة لطلبات المجموعة ذات الأسماء السويدية ممن أشاروا إلى أن لديهم تجربة عمل أو تدريبا سابقا 19.6%، مقارنة بـ 10.1 % للمجموعة ذات الأسماء العربية.

ولم يتغير الحال في الوقت الراهن، إذ أظهرت بيانات المركز الوطني للإحصاء خلال الربع الأول من عام 2021 أن البطالة بين المولودين في الخارج أكبر، و20% منهم عاطلون عن العمل، مقابل 4.6 % بين المولودين في السويد.

وبلغ عدد السويديين المولودين في الخارج عام 2021 بحسب المركز الوطني للإحصاء، ما يقارب 2.046.731 شخصا، ما يعني أن أكثر من 19.7% من إجمالي السكان في السويد ولدوا في الخارج.

بيانات المركز الوطني للإحصاء خلال الربع الأول من عام 2021، تكشف تفاوتا في نسب العاملين المولودين في السويد والمولودين خارجها ثم نالوا الجنسية السويدية، إذ بلغت نسبة من يعملون بين المولودين في السويد والذين تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عاما 83.4%، بينما بلغ معدل العمالة بين النساء من مواليد السويد 81.7 %، وبين الرجال 85.0 %. في المقابل، بلغ معدل العمالة بين المولودين في الخارج 65.1 %، وتنخفض نسبة النساء العاملات من اللواتي ولدن خارج السويد إلى 58.9 %، وبين الرجال المولودين في الخارج 71.1 %.

باحثون في مركز جامعة لينيوس الحكومية لدراسات التمييز والاندماج أظهروا خلال تنفيذ دراسة استقصائية في إبريل/نيسان عام 2016، بعنوان “من الأسهل الحصول على وظيفة إذا كان لديك اسم سويدي”، أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما يرون أن البطالة هي أكبر التحديات المجتمعية للمولودين خارج السويد، بسبب ضعف فرص استدعاء المولودين خارج السويد لإجراء مقابلة عمل.

وأثبتت هذ الدراسة ضعف فرص استدعاء المولودين خارج السويد ويحملون أسماء غير سويدية لإجراء مقابلات عمل، ما يزيد من نسب البطالة في صفوفهم، وذلك عبر إرسال الفريق البحثي لـ 3000 طلب، نصفها بأسماء سويدية والنصف الآخر بأسماء من الشرق الأوسط وأفريقيا. ومن بين هؤلاء، تم استدعاء 30% ممن يحملون أسماء سويدية لإجراء مقابلات عمل، في حين تم استدعاء 20% فقط من الطلبات التي تحمل أسماء أجنبية على الرغم من المؤهلات المتساوية.

وبناءً على ردود مديري الشركات ومديري التوظيف، التي وصلت إلى الباحث الرئيسي في الدراسة “ماغنوس كارلسون”، الأستاذ المشارك في الاقتصاد بجامعة لينيوس، والذي يجري أبحاثا حول التمييز في سوق العمل، فإن السويديين الأصليين أو المنحدرين من أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، الذين لديهم شبكة معارف وعلاقات يستفيدون من التوظيف المستند إلى شبكة المعارف ولا يجدون صعوبة في دخول سوق العمل، ويرجع “كارلسون” هذه الممارسات التمييزية إلى “عدم تعامل أرباب العمل بمهنية”.

آلاف البلاغات تشكو من التمييز على أساس العرق أو الدين

ويؤكد “كلاس لوند ستيد” أمين المظالم المعني بالتمييز وهي هيئة حكومية ذات ميزانية مستقلة، أن عدد البلاغات المقدم إليه في السنوات الثلاث الأخيرة، 2579 بلاغا عن تمييز على أساس العرق، دون الإشارة إلى مجموعة إثنية معينة، و563 على أساس الانتماء الديني دون الإشارة إلى دين محدد، وكانت غالبية هذه التقارير مرتبطة بالحياة العملية.

ويتلقى أمين المظالم بشكل عام تقارير وشكاوى من النساء أكثر من الرجال، كما يوضح “ستيد”، لكن الفارق صغير بين الجنسين ولا يمكن معرفة ما إذا كان الشخص صاحب الشكوى قد ولد في الخارج أم في السويد، مؤكداأن قلة قليلة ممن عانوا من تمييز ضدهم في العمل تقدم شكوى، مشيرا إلى أن دورهم تلقي الشكاوى المتعلقة بتمييز في العمل على أساس العرق، كون التمييز على أساس المظهر ليس أحد أسباب التمييز السبعة التي يغطيها قانون التمييز السويدي رقم (567:2008) لعام 2009 وهي الجنس، والدين، والعرق، والإعاقة، والعمر، والهوية الجنسانية للمتحولين جنسيا، بالإضافة إلى الميول الجنسية (المثلي ومزدوج الميول).

يتوافق هذا مع ما جاء في تحقيق حكومي نفذه خبراء وقضاة عينتهم الحكومة بعنوان “حماية أفضل من التمييز”، منشور عام 2016 في قاعدة البيانات الحكومية المفتوحة، إذ يرى التحقيق وجود مشكلة في طلب محكمة العمل بإلزام الموظف بإثبات حدوث الفعل التمييزي بدلاً من أن يضطر صاحب العمل إلى إثبات أنه لم يحدث تمييز. وأن الشخص الذي يتعرض للتمييز لديه “واجب تقديم الأدلة”.

خلص التحقيق الحكومي “حماية أفضل من التمييز”، إلى أن مكتب أمين المظالم لشؤون التمييز يجب أن يحقق في المزيد من الشكاوى والتقارير عما هو معمول به اليوم.

المحاكم لم تتعامل مع التمييز ضد من لديهم وظائف

وتَبين عبر مراجعة الدعاوى والأحكام القضائية المتعلقة بالتمييز العرقي لدى محكمة العمل (Arbetsdomstolen)، المكلفة بالفصل في المنازعات المتعلقة بقانون العمل، والنظر بدعاوى التمييز المرفوعة من قبل الأفراد منذ عام 2003 وحتى 2021، أن المحكمة لم تتعامل مع التمييز العرقي للأشخاص الذين لديهم بالفعل وظائف ولكن فقط الباحثين عن عمل الذين تعرضوا لتمييز في العمل على أساس عرقي، أو على أساس الدين أو غيره من المعتقدات.

ولم يُدن سوى صاحب عمل واحد في قضية واحدة لدى محكمة العمل، من أصل 832 شكوى مقدمة من قبل الأفراد خلال فترة الرصد، وتتعلق القضية التي أدين بها صاحب العمل بعامل من دولة غامبيا اُطلق عليه في الشركة ألقاب من بينها: “الأفريقي” و “اللقيط الأسود الكبير” و”الجمجمة السوداء”.

اقرأ أيضا: بين القانون والواقع.. السويد تواجه الغضب ضد ممارسات “السوسيال”

ويوضح وكيل الدولة لشؤون التمييز، “لارس أرينيوس”، أنه لا تتاح لمكتب أمين المظالم لشؤون التمييز الفرصة للتحقيق في جميع التقارير والشكاوى التي يتم تلقيها أو تمثيل كل شخص تعرض للتمييز في عمله أمام المحكمة. مرجعا ذلك إلى ضعف الموارد المالية والبشرية المتخصصة للتعامل مع الشكاوى، والتحقق من مدى دقتها وأنها ليست كيدية. مضيفا أنه يسعى لزيادة عدد القضايا الإشرافية التي تنظر فيها دائرة العمليات في المحكمة، مؤكدا أنه في قانون التمييز السويدي، من الواضح جدا أن مسؤولية ضمان عدم حدوث التمييز في بيئة العمل تقع على عاتق أرباب العمل.

وتنتقد “إيفا شومر”، أستاذة علم اجتماع القانون بجامعة كريستيان ستاد جنوب السويد، عمل وكيل الدولة لشؤون التمييز في التعامل مع تقارير وشكاوى التمييز، قائلة أن قضايا التمييز في الحياة العملية يجب أن يكون لها أمين مظالم خاص بها حتى يمكن تنفيذ العمل بطريقة منتظمة بخاصة أن التحقيق فيها يستغرق وقتا طويلا.

Exit mobile version