أوروبا تراقب حدودها بالكاميرات.. خطوة لزيادة عمليات الإنقاذ أم تهرب من المسؤوليات القانونية؟

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

بدأت دول أوروبية استخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل مراقبة عمليات الهجرة خاصة عند الحدود الداخلية والخارجية للتكتل، من خلال استخدام وكالة الحدود التابعة للاتحاد “فرونتكس” كاميرات لتسهيل مراقبة المهاجرين.

خبراء أشاروا إلى أن هذا النوع من تكنولوجيا التتبع غالبًا ما يتم نشره للتهرب من المسؤوليات القانونية التي قد يتحملها الاتحاد الأوروبي في توفير الوصول إلى اللجوء بموجب القانون الدولي.

وتستثمر فرونتكس في بيانات تسجيل القياسات الحيوية عالية التقنية بما في ذلك بصمات الأصابع ثلاثية الأبعاد والتعرف على الوجه وقزحية العين.

كما تستثمر فرونتكس في مجال البيانات الحيوية أيضا، بما في ذلك بصمات الأصابع ثلاثية الأبعاد ، فضلاً عن تقنية التعرف على قزحية العين وتحديد الوجه، حيث يتم إدخال بيانات من هذا النوع في نظام قاعدة البيانات البيومترية في الاتحاد الأوروبي.

وخلال شهر يوليو/تموز2021، نشرت منظمة الخصوصية الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها تقريراً حول قيام عدد كبير من الشركات “باستعمال أقمار صناعية قادرة على التعقب” وبيع بياناتها إلى وكالات الحدود.

فرنسا تستخدم الكاميرات لمراقبة المانش

دول أوروبية عديدة شرعت في استخدام تكنولوجيا مراقبة الحدود فالحكومة الفرنسية أعلنت في شباط/ فبراير الجاري أنها تعتزم وضع كاميرات إضافية على طول ساحل قناة المانش التي تفصلها عن بريطانيا للمساعدة في مراقبة المهاجرين الذين يأملون العبور باتجاه المملكة المتحدة، وستتكفل الأخيرة بدفع ثمن هذه المعدات.

إيطاليا سلمت معدات مراقبة إلى ليبيا

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، سلمت البحرية الإيطالية شحنة جديدة من الحاويات إضافة إلى معدات مراقبة لليبيا، من أجل مراقبة الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.

نتائج تسليم مثل هذه الشحنات تثبت أن هدفا هو التخلص من المسؤولية وليس إنقاذ المهاجرين، فالشركات الإيطالية التي وفرت هذه المعدات كانت تساعد بشكل مباشر أو غير مباشر خفر السواحل الليبي على إعادة عشرات الآلاف من المهاجرين إلى ليبيا حيث يتم تحديد موقع هؤلاء المهاجرين وإعادتهم قبل أن يصلوا إلى المياه الإيطالية أو المالطية.

في عام 2021، أُعيد أكثر من 32000 مهاجر إلى ليبيا بهذه الطريقة، و1500 منهم كانوا قاصرين. تضاعفت الأرقام ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بأرقام عام 2020. وقد يكون سبب هذه الزيادة هو تكثيف استعمال تكنولوجيا المراقبة.

وتعمل الشركات الإيطالية على تطوير “حاويات” تتمتع بأحدث تقنيات المراقبة والتتبع، مرتبطة بأقمار صناعية يتم تشغيلها من مركز في ليبيا. إحدى حاويات التتبع المتنقلة هذه، تم إرسالها إلى ليبيا لتنسيق عمليات البحث والإنقاذ.

وأوضحت مصادر إعلامية أنه تم تجهيز مركز البحث والإنقاذ بغرفة اجتماعات وأربعة غرف مراقبة على الأقل، إضافة إلى غرفة تشغيل الرادار ومرحاض، الرادار الذي يتصل بمحطات مراقبة متنقلة مثل هذه مثبت في القاعدة العسكرية أبو ستة في العاصمة الليبية طرابلس.

الشركات الإيطالية تمكنت من صنع ثلاثة زوارق سريعة جديدة لخفر السواحل الليبي، والتي من المقرر تسليمها قريبًا، وتحديث أخرى قيد الاستخدام في وحدات المراقبة المتنقلة بليبيا.

تكثيف استخدام التكنولوجيا الرقمية في البلقان

كما تتم حاليا عمليات تكثيف لاستعمال التكنولوجيا الرقمية ومعدات المراقبة في جميع أنحاء طريق البلقان، حيث تم وضع “مصائد كاميرات” مثل أجهزة مراقبة السرعة للسيارات والأشخاص بالقرب من الحدود بين إيطاليا وسلوفينيا.

وكالة حماية الحدود فرونتكس تطور أنظمة مراقبة جديدة في طريق البلقان، بشكل يمكن أن يهدد حقوق المهاجرين، وقد تكون خطرة على جميع المواطنين الأوروبيين في المستقبل.

من خلال تمويل فرونتكس والاتحاد الأوروبي، تعمل بعض الدول الأعضاء داخل الاتحاد الأوروبي مثل البوسنة والهرسك وصربيا وألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود على تطوير أنظمة متوافقة مع قاعدة البيانات البيومترية للاتحاد، حتى يتمكنوا من إدخال البيانات في النظام الأساسي، المتاح حتى الآن للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فقط.

“ماريانا جكلياتي”، أستاذة القانون الدولي بجامعة رادبود في هولندا، قالت: “إن ما يحدث في البلقان اليوم هو ما قد يحدث على الحدود الأخرى غدًا”.

وخلصت منظمة الخصوصية الدولية إلى أنه على الرغم من أن “مثل هذه المراقبة يمكن أن تنقذ الأرواح، إلا أنها قد تسهل أيضًا عمليات”الصد” أو قد تُستخدم لمقاضاة طالبي اللجوء”.

سجلت فرونتكس عبور أكثر من 60.000 مهاجر غير نظامي” في عام 2021 على طول حدود طريق البلقان. يعتقد صحفي بالمجلة العلمية يدعى روديلي أن “فرونتكس ترى أن استخدامها للبيانات الحيوية ضروري لأبحاثها وقدرتها على التحكم في تدفقات المهاجرين”.

كاترينا روديلي، باحثة في منظمة Access Now غير الحكومية، التي تناضل من أجل حقوق الإنسان في المجال الرقمي، تقول إن “ما يقوم به الاتحاد الأوروبي سيخضع لاختبار مع مرور الزمن، اليوم يخضع المهاجرون للمراقبة، لكن غدًا قد يكون المراقبون هم ناشطون مناخيون أو صحفيون أو غيرهم”.

كما تعمل اليونان أيضا على تعزيز الحدود اليونانية التركية بأفراد وكاميرات وطائرات بدون طيار ومركبات ثقيلة وضباط فرونتكس ولكن أيضًا بسياج يبلغ ارتفاعه 5 أمتار.

في أبريل/نيسان 2021 ، قررت فرونتكس الاستعانة بشركة التكنولوجيا الألمانية Steinbeis 2i للبحث في كيفية “تعظيم الفوائد المستقبلية لتكنولوجيا القياسات الحيوية في إدارة الحدود، مع تقليل مخاطرها وضمان الامتثال الكامل للقانون الحالي، إضافة للضوابط الأخلاقية والتكنولوجية”.

الحدود الإيطالية السلوفينية

في عام 2019 ، قامت فرونتكس بتسليم معدات لتسجيل البيانات إلى البوسنة والهرسك، هذا التسجيل هو أحد أهداف الوكالة الذي تحرص على تحقيقه في جميع أنحاء البلقان للعام المقبل.

“كاترينا بوف”، محامية ضمن الرابطة الإيطالية للدراسات القانونية حول الهجرة ASGI ، قالت :” كيف تم تركيب كاميرات تشبه إلى حد كبير كاميرات السرعة التي تتعرف على السيارات والأشخاص، على طول الحدود”.

وفقًا لبحث أجرته منظمة الخصوصية الدولية، تقوم الشركات بتزويد فرونتكس والوكالات الحدودية الأخرى، مثل سلطات الحدود بالمملكة المتحدة، بأقمار صناعية قادرة على تتبع الإشارات من هواتف الأقمار الصناعية وأجهزة البث الأخرى.

يتم تزويد المهاجرين بهذا النوع من الهواتف من قبل المهربين حتى يتمكنوا من الاتصال عندما يقعون في مأزق. يعتقد الحقوقيون أن الإشارات التي يرسلها المهاجرون، يمكن تتبعها من قبل فرونتكس وباقي السلطات الحدودية قبل وصولهم إلى الاتحاد الأوروبي.

مخاوف من انتهاكات إنسانية

تخشى منظمة الخصوصية الدولية من أنه من خلال تقنيات تحديد مواقع الإشارات، قد لا تنقذ المراقبة الأرواح فحسب، بل قد تسهل عمليات صدّ المهاجرين، وبالتالي تقليل عدد المهاجرين الوافدين على حدود الاتحاد الأوروبي.

هذا سيضمن “أن دول الاتحاد الأوروبي، مثل إيطاليا، ستبدو كأنها تتصرف وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي”.

من جانبها أعلنت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، “دنيا مياتوفيتش”، في تقريرها لعام 2021 أن المعلومات الواردة من “الطائرات والطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية، يتم مشاركتها مع السلطات، بما فيها الموجودة في ليبيا”.

“دينا” قالت إن هذه المعلومات “تخدم عمليات الصدّ والإعادة القسرية من قبل خفر السواحل الليبي إلى الموانئ غير الآمنة، بما يتعارض مع القانون البحري الدولي وقانون حقوق الإنسان”.

وقالت النائبة الألمانية “أوزليم ديميريل” عن حزب الخضر لصحيفة الغارديان في ديسمبر / كانون الأول إنها تعارض استخدام الطائرات بدون طيار، مضيفة أنها تحول الهجرة إلى قضية أمنية، مشيرة إلى أنه: “كل أسبوع نرى المزيد من الناس يموتون، وعلينا أن نتساءل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي يخالف قيمه”.

Exit mobile version