روسيا الاتحادية بين دولة وحدود الإرث الشيوعي ووعي النهضة القومية

بقلم: الدكتور نزار محمود

إن ما تعيشه روسيا الاتحادية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي هو تفسير للانتقال من العقيدة الشيوعية الأممية التي استوجبت وسهلت اختلاط قوميات متعددة ورسم لحدود مناطقية وأدارية مصطنعة وفق مفهوم الأخوة والتعاضد الاشتراكي، وبين إرهاصات النهوض القومي المرتبط بتفسيرات الجغرافية التاريخي. هذا ما فهمته من الكلمة المطولة للرئيس الروسي بوتين، الذي مهد وبرر اعترافه بجموريتين في منطقة الدونباس في اوكرانيا اللتين تسكنهما اقلية روسية كبيرة.

الدكتور نزار محمود

المسألة الأوكرانية قد تفتح بوابة النزاعات دولية كثيرة:

إن المسألة الأوكرانية قد تفتح عصراً جديداً من صراعات ونزاعات دموية في أوروبا والعالم، وكأن ما يحصل في تفسيرها أشبه في معناه بنظرية زحزحة القارات التي شكلت جغرافية الكرة الأرضية.

إن العودة الى تقليب صفحات التاريخ في طياته وحقبه سيفتح أبواباً لا حصر لها، أسوأها الأبواب التي مفاتيحها القوة والحروب من أجل دخولها!. وحينها ستعيش البشرية حروباً قاسية بين جيوشها التي تحركها عوامل انانيات التفسير والقوة.

إن مروراً سريعاً على الخرائط السياسية لدول العالم اليوم ومناطق نفوذ القوى العظمى سيوحي لنا بهواجس مقلقة لما يمكن أن يحدث حين تفور تنانير العواطف التي تعمي العقول. وعندها سنترحم على فيروس كورونا!.

منذ العام ١٩٩٠ وانهيار الكتلة الشيوعية وتفتت تحالفاتها وتشرذم اعضائها لصالح الاحتواء الغربي، وروسيا، التي كانت قلب وروح النظام الشيوعي، تعاني وتصبر وتعمل على استعادة دورها بين القوى العظمى العالمية، تدعمها بصورة غير مباشرة نهضة التنين الصيني الجبارة. يبدو ان روسيا اليوم بدأت تشعر بأنها قادرة على استعادة ما تعتقد أنها خسرته دون وجه حق.

ودون خوض بالتشبيه بين المانيا هتلر وبين بوتين روسيا، وربما حتى عراق صدام، لصعوبة ذلك واختلاف وجهات النظر الكبيرة فيه، فإن مسائل العودة الى ظروف واسباب سابقة كانت وراء سعي الدول والشعوب الى اعادة ترسيم حدودها متذرعة بحقوقها التاريخية فيها.

اقرأ أيضا: حول افتتاح أعمال مؤتمر الأمن والسياسة الخارجية في ميونخ

اليوم يعيش العالم على عتبة حقبة جديدة من التاريخ: عتبة باتت حجراتها بحاجة إلى مراجعة في الوانها واشكالها وأحجامها. انها مرحلة لا يمكن الاطمئنان الى سلامها.

علينا نحن العرب أن نسمع ونعي، وأن ننتفع من وعينا!.

Exit mobile version