الترحيب بالأوكرانيين يضع المعايير الأوروبية في موضع الاتهام

الترحيب بالأوكرانيين يضع المعايير الأوروبية في موضع الاتهام

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

ما إن فر الأوكرانيون من بلادهم على وقع الغزو الروسي حتى فتحت الدول الأوروبية المجاورة أذرعها لهم بكل ترحاب، خاصة الدول المحيطة بأوكرانيا وعلى رأسها بولندا ورومانيا والمجر وبلغاريا ومولدوفا، وهو الأمر الذي لفت بشدة أنظار العالم نحو التمييز العنصري الذي عانى منه المهاجرون القادمون من الشرق الأوسط وأفريقيا عند وصولهم على أبواب نفس الدول.

اختلاف واضح وتمييز لا تكاد تخطئه عين خاصة إبان تزايد معدل هجرة السوريين في عام 2015 على وقع قصف أتى من روسيا أيضا وإن اختلف المكان والزمان.

أبواب سدت أمام السوريين والعراقيين وغيرهم ممن حولت الحروب والفتن أوطانهم إلى مكان يكاد يستحيل العيش فيه فلجؤوا إلى فردوس أوروبا حيث الحرية والمساواة والعدالة والعيش الكريم، فكان أن لقوا معاملة سيئة تعرضوا فيها لشتى أنواع الازدراء وبعضهم تم إعادته إلى بلاده خائبا والبعض الآخر لا يزال قابعا عند الحدود يتعرض للجوع والعطش وسوء المعاملة بانتظار السماح له بالدخول، ثم خوض رحلة جديدة نحو الاستقرار والاندماج.

ترحيب بالأوكرانيين بــ”عبارات عنصرية”

وتوافد عشرات آلاف اللاجئين الأوكرانيين الفارين من غزو روسيا بلادهم منذ الخميس (24 شباط/فبراير) إلى البلدان المجاورة، وفقا لسلطات الدول المضيفة.

صرحت الأمم المتحدة الأحد (27 فبراير/شباط)، أن نحو 368 ألف لاجئ فروا من أوكرانيا باتجاه الدول المجاورة منذ بدء الغزو الروسي، وهو عدد “في ارتفاع مستمر”.

“هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم … هؤلاء أوروبيون، أذكياء ومتعلمون، ليسوا أشخاصا لم نكن متأكدين من هويتهم، أو لديهم ماض غير واضح، والذين يمكن أن يكونوا حتى إرهابيين”، هكذا

وصف الرئيس البلغاري “رومين راديف” الأوكرانيين، مضيفا: “بعبارة أخرى، لا توجد دولة أوروبية واحدة الآن تخشى الموجة الحالية من اللاجئين”.

اللافت للنظر هو التغيير في لهجة بعض أكثر القادة المناهضين للهجرة في أوروبا مذهلاً من “لن نسمح لأي شخص بالدخول” إلى “نحن نسمح للجميع بالدخول”.

ولا يقتصر الأمر على القادة السياسيين، بل تعرض بعض الصحافيين لانتقادات بسبب الطريقة التي يتحدثون أو يكتبون بها عن اللاجئين الأوكرانيين.

أحد مذيعي قناة الجزيرة الإنكليزية قال : “هؤلاء أناس متقدمون ينتمون إلى الطبقة الوسطى. من الواضح أنهم ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق في الشرق الأوسط … في شمال أفريقيا”. وأصدرت القناة اعتذارا قالت فيه إن التعليقات غير مسؤولة.

مقارنة بين استقبال الأوكرانيين والسوريين

عندما عبر أكثر من مليون شخص إلى أوروبا في عام 2015، كان دعم اللاجئين الفارين من الحروب في سورية والعراق وأفغانستان حاضرا، كما كانت هناك أيضا لحظات من العداء.

في ذلك الوقت، قالت المستشارة الألمانية، “أنجيلا ميركل”، “يمكننا فعل ذلك”، وحث رئيس الوزراء السويدي المواطنين على “فتح قلوبهم” للاجئين.

في ألمانيا، تم الترحيب بهم بالتصفيق في محطات القطارات والحافلات، لكن سرعان ما انتهى الترحيب الحار بعد أن اختلفت دول الاتحاد الأوروبي حول كيفية تقاسم المسؤولية، حيث جاء التراجع الرئيسي من دول وسط وشرق أوروبا مثل المجر وبولندا.

واحدة تلو الأخرى، شددت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا سياسات الهجرة واللجوء وضاعفت من مراقبة الحدود.

انتقادات شديدة لتعامل الدول الأوروبية

في الأسبوع الماضي فقط، شجبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تزايد “العنف والانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان” عبر الحدود الأوروبية، ووجهت أصابع الاتهام على وجه التحديد إلى اليونان

وفي العام الماضي، تُرك مئات الأشخاص، معظمهم من العراق وسورية وأيضا من أفريقيا، عالقين في منطقة خالية بين بولندا وبيلاروسيا، في ذلك الوقت، منعت بولندا الوصول إلى جماعات الإغاثة والصحافيين. ولقي أكثر من 15 شخصا حتفهم في البرد.

في غضون ذلك، تعرض الاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط لانتقادات شديدة بسبب تمويله ليبيا لاعتراض المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى شواطئها، مما يساعد على إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز المسيئة والمميتة في كثير من الأحيان.

وقالت الباحثة اليونانية في شؤون الهجرة “لينا كارامانيدو”، “لا توجد طريقة لتجنب الأسئلة حول العنصرية الراسخة في سياسات الهجرة الأوروبية عندما نرى مدى اختلاف ردود أفعال الحكومات الوطنية ونخب الاتحاد الأوروبي تجاه الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا”. يذكر أنّ حرس الحدود البولندي، أعلن، الأحد أن حوالى 200 ألف شخص قادمين من أوكرانيا دخلوا بولندا منذ بدء الغزو الروسي للجمهورية السوفييتية السابقة الخميس.

بولندا ترحب بالمهاجرين الأوكرانيين

وأحصى حرس الحدود البولندي 77300 شخص وصلوا إلى بولندا من أوكرانيا يوم السبت (26 فبراير/شباط) وحده، فيما وصل أكثر من 44 ألف شخص إضافي الأحد.

وشهدت بولندا حتى الآن دخول نسبة كبيرة من الفارين من أوكرانيا، وهي كانت تؤوي بالأساس نحو 1,5 مليون أوكراني قبل الغزو الروسي وأعربت عن دعمها الثابت لأوكرانيا.

في جميع أنحاء البلاد، يقوم الناس بتنظيم أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع الأموال والأدوية وتقديم أماكن للإقامة والوجبات والعمل أو النقل المجاني للاجئين. فيما أفاد المتحدث باسم الحكومة الرومانية عن دخول 47 ألف أوكراني إلى رومانيا منذ الخميس، ومن بينهم غادر 22 ألف شخص البلاد، في حين بقي 25 ألفًا فيها.

إقرأ أيضا: ألمانيا تعتزم تقديم مساعدة إلى بولندا بشأن اللاجئين القادمين من أوكرانيا

أكثر المراكز الحدودية ازدحاما هو سيريت، يليه سيغيتول مارماتيي، وكلاهما في الشمال. وأقيم مخيمان، أحدهما في سيغيتول وهو فارغ في الوقت الحالي، والآخر في سيريت يقيم فيه حوالى أربعين شخصا يفترض نقلهم إلى مراكز استقبال.

ترحيب هنغاري بالمهاجرين الأوكرانيين

وفي هنغاريا، وصل أكثر من 71000 لاجئ إلى البلاد منذ الخميس بحسب الشرطة المجرية، وتجهّز هنغاريا خمسة مراكز حدودية مع أوكرانيا والعديد من المدن الحدودية، مثل زاهوني، حيث حولت المباني العامة إلى مراكز إغاثة، يقصدها المجريون لتقديم مواد غذائية ومساعدة.

فرنسا تدخل على خط الأزمة

وفي فرنسا عبرت السلطات عن استعدادها للقيام بدورها بالكامل إزاء الترحيب بالنازحين الأوكرانيين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم، حيث قال وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانان” لوسائل إعلام فرنسية إن “فرنسا استقبلت على أراضيها حتى الآن حوالي 800 نازح أوكراني، ممن فروا من بلادهم منذ بداية الغزو الروسي في 24 شباط/ فبراير، بعضهم وصل بالطائرة إلى مطار بوفيه، القريب من باريس، وآخرون وصلوا بالسيارة إلى مدينة نيس في جنوب البلاد”.

وأضاف وزير الداخلية الفرنسي إن الحكومة وضعت ترتيبات خاصة للتمكن من الترحيب وتنظيم استقبال هؤلاء النازحين في المطارات وتنظيم استقبالهم “من خلال القيام “بالإجراءات اللازمة” بالتنسيق مع المسؤولين في المناطق الفرنسية، موضحا أنه سيجتمع أسبوعيا بالمحافظين في فرنسا لتنظيم استقبال النازحين الأوكرانيين. حيث وجهت الحكومة، صباح الثلاثاء، رسالة إلى المسؤولين المحليين تدعوهم إلى “إبلاغ” المحافظين بـ “الحلول والمبادرات الممكنة” في بلدياتهم استعدادا لاستقبال الأوكرانيين الفارين من الحرب.

التناقض في التعامل مع المهاجرين في فرنسا بدا واضحا مع إعلان محافظة باريس، عن إجلاء 498 مهاجراً، من بينهم رجال ونساء وأطفال، في ساعة مبكرة من صباح الخميس، كانوا يعيشون في مخيم عشوائي في نفق شمال العاصمة الفرنسية، ليتم نقلهم إلى مراكز إيواء مختلفة.

” بيير ماثورين”، المسؤول في جمعية يوتوبيا 56 في باريس، قال إن مئات المهاجرين كانوا يعيشون هناك، بمن فيهم عائلات وقُصّر غير مصحوبين بذويهم، منذ 14 شباط/فبراير.

وتشير توقعات الأمم المتحدة إلى أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الاستعداد لأزمة إنسانية “ذات أبعاد غير مسبوقة” في أوكرانيا، والتي من المرجح أن تؤدي إلى نزوح “أكثر من سبعة ملايين” شخص إذا استمر الهجوم الروسي.

Exit mobile version