السويد وفنلندا.. رعب من مصير أوكرانيا

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

تخشى السويد وفنلدنا من مصير أوكرانيا لا سيما مع قربها الجغرافي منها، في ظل تهديدات روسية بالرد الحازم حال انضمام أيا من الدولتين للحلف، وهي تهديدات قد تدفع في اتجاه تريث الدولتين قبل التفكير في الانضمام للناتو، وقد تأتي بنتائج عكسية تجعل السويد وفنلدنا تهرولان نحو الانضمام لهذه القوة العسكرية الكبيرة.

“سيرغي لافروف” وزير الخارجية الروسي تحدث عن عواقب وخيمة لهذه الخطوة، على اعتبار أن الدولتين تعدان “الفناء الخلفي لموسكو”. علما أن فنلندا، المحافظة الروسية السابقة بين 1809 و1917، تتقاسم حدودا مشتركة مع روسيا تمتد على طول 1300 كلم.

وترى موسكو في الحلف تهديدا استراتيجيا على نفوذها في المنطقة، وتُطالب بعدم اقترابه من حدودها، بينما يدافع الحلف عن سياسة الأبواب المفتوحة أمام انضمام الدول إليه، وسيادة تلك الدول على ذلك القرار.

انضمام البلدين يمثل فرصة للناتو لطبيعة وجغرافيا البلدين وقدراتهما العسكرية، فالبلدان لا يتمتعان بتعاون دفاعي عميق قائم مسبقا على المستوى الثنائي فحسب، بل يتعاونان أيضا في منتديات متعددة الأطراف، مثل التعاون الدفاعي لدول الشمال الأوروبي (NORDEFCO)، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

أيضا فإن وكلاهما له مصلحة قوية في الحفاظ على الاستقرار في منطقة بحر البلطيق. وبالنظر إلى حالة الرأي العام في كل من السويد وفنلندا، فمن غير المرجح أن ينضم أي من البلدين إلى الحلف في المستقبل المنظور، باستثناء أي تغييرات مهمة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، ويتوافق هذا مع تقريرين حكوميين نُشِرا خلال السنوات الأخيرة، برعاية حكومتي فنلندا والسويد على التوالي.

أمن البلطيق يعتبر أمرا هاما للدولتين خاصة وأنهما لطالما لعبتا دورا كبيرا في ذلك، كما لعبت الدنمارك والنرويج دورا مهما في تطوير القدرات العسكرية لدول البلطيق منذ نهاية الحرب الباردة، كما أن للسويد وفنلندا، رغم أنهما ليستا أعضاء في الناتو، علاقة أمنية وثيقة مع دول البلطيق”.

القلق الروسي يتزايد بشأن اعتماد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على السويد وفنلندا غير العضوين في الناتو لشن دفاع موثوق أو تحرير دول البلطيق.

السويد وفنلندا حليفان مهمان للولايات المتحدة وشريكان وثيقان لحلف شمال الأطلسي. ومع ذلك، لا يُلزم أي منهما بمساعدة أي عضو في الناتو في حالة وقوع هجوم مسلح.

ويبدو أن الحرب في أوكرانيا جعلت الناتو مضطرا لدعم انضمام هذه الدول وإرسال أسلحة عسكرية ضد الهجمات الروسية المحتملة على هذه البلدان، وكذلك الدفاع عن البنية التحتية لفنلندا والسويد ضد الهجمات الإلكترونية الروسية”، مشددا على أن “روسيا لا تستطيع مهاجمة هذه الدول بسهولة.

ويعد تهديد روسيا لفنلندا والسويد من أنهما “ستواجهان بعض العواقب العسكرية” إذا حاولتا الانضمام إلى الناتو هو تهديد مفتوح يأتي في وقت تختبر فيه موسكو تهديداتها، فالسويد وفنلندا تشعران بالضغط الروسي، وتريان نفسيهما على اتصال مباشر بالديناميكيات التي أثرت على أوكرانيا، على الرغم من وجود اختلافات عميقة بشكل واضح.

إن حضور الحرب في أوكرانيا والتخوفات مِن المكان الذي يمكن أن يستهدفه الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” لاحقا، يمكن أن يخلق حالة أوسع حيث قد يتطلب أمن فنلندا والسويد بالفعل علاقات أوثق مع الحلف.

لكن ما فرص شن هجوم روسي على فنلدنا والسويد؟

يبدو من الصعب إمكانية التنبؤ بتحركات “بوتين” الآن، لأن الهجوم على هذين البلدين سيكون مجنونا، مع عواقب وخيمة محتملة، تظهر التهديدات ضد فنلندا والسويد الخطر الأوسع الذي يمثّله نظام “بوتين”، ويشدّدون على الأهمية الحيوية لرد قوي وموحد على غزو أوكرانيا.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، قد قالت الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي: “أعادت جميع الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بصفتها الوطنية، بما في ذلك فنلندا والسويد، التأكيد على المبدأ القائل بأن أمن بعض الدول لا ينبغي أن يُبنى على حساب أمن الدول الأخرى”.

وأضافت زاخاروفا: “من الواضح أن انضمام فنلندا والسويد إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، وهو في الأساس، كما تفهم جيدًا، كتلة عسكرية، ستكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة تتطلب من بلدنا اتخاذ خطوات متبادلة”.

كان الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرغ”، قد أعلن في وقت سابق، أنّه دعا فنلندا والسويد، وهما ليسَتَا عضوَيْن في المنظمة، للمشاركة في القمة الطارئة الافتراضية للحلف، الجمعة، حول الوضع في أوكرانيا.

رئيسة الوزراء الفنلندية، “سانا مارين”، صرحت في اجتماع برلماني، بأن “البلاد مستعدّة للتقدم بطلبٍ للحصول على عضوية الناتو إذا أثيرت مسألة أمنها القومي”.

السويد تعزز استعدادها العسكري

السويد عززت في الآونة الأخيرة استعدادها العسكري وأرسلت جنودا ومعدات عسكرية ثقيلة إلى أكبر جزيرة لها، وهي جزيرة غوتلاند التي تقع استراتيجيا في بحر البلطيق، على بعد 330 كيلومترا فقط من كالينينغراد، مقر أسطول البلطيق الروسي.

اقرأ أيضا: الترحيب بالأوكرانيين يضع المعايير الأوروبية في موضع الاتهام

وفي عام 2019، قررت السويد، بعد أن أدركت أنها تفتقر إلى قدرات عسكرية حاسمة ولن تكون قادرةً على الدفاع عن نفسها ضد هجوم روسي، زيادة إنفاقها العسكري بنحو 40 بالمئة، مع زيادة في الميزانية العسكرية قدرها 27.5 مليار كرونة سويدية (3.1 مليار دولار) بحلول عام 2025.

على عكس السويد، لم تتوقف فنلندا التي تشترك في حدود برية طويلة مع روسيا، عن الاستثمار في قدراتها الدفاعية. وقد طلبت مؤخرا شراء 64 مقاتلة من طراز “إف 35″، بقيمة 9.5 مليار دولار، لتحلّ محلّ طائراتها القتالية الحالية والقديمة.

وقال وزير الخارجية الفنلندي السابق، “إركي تووميويا”، إن فنلندا يمكنها حشد قوات احتياط تضم 280 ألف جندي مدرب، وهو ما لا يمكن لأي دولةٍ أُخرى في أوروبا القيام به.

تواجه كلا من السويد وفنلدنا معضلة معقدة، فعدم الانضمام إلى حلف الناتو يجعل الدولتين في حالة ترقب وخشية من أي تمدد روسي نحو أراضيهما، وفي الوقت نفسه فإن انضمامهما لحلف شمال الأطلسي قد يكون شرارة تعجل المواجهة مع الدب الروسي على نطاق واسع، لذا فإن الخيار الأنسب في الوقت الحالي يبدو هو تعزيز قدراتهما الدفاعية والوصول للمستويات المثلى من أجل امتلاك قدرة محلية على صد أي عدوان، وهو ما شرعت فيه الدولتان في الآونة الأخيرة تدريجيا.

Exit mobile version