السويد وفنلندا تتخليان عن الحياد على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا

السويد وفنلندا تتخليان عن الحياد على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا

السويد وفنلندا تتخليان عن الحياد على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

غير الغزو الروسي لأوكرانيا من وجه العالم خاصة على صعيد القارة الأوروبية، وباتت الدول القريبة جغرافيا من روسيا في شرق أوروبا تخشى من امتداد نيران الحرب إليها ما دفعها لمحاولة حماية نفسها، وهو الأمر الذي دفع كلا من السويد وفنلندا لإعلان تقديمهما طلبا للحصول على عضوية الناتو، لينهي البلدان عقودًا من عدم الانحياز العسكري، في ضوء مخاوفهما الأمنية المتصاعدة من الطموحات الروسية.

ففي السويد، قال الاشتراكيون الديمقراطيون إنهم يؤيدون الانضمام إلى التحالف الأمني، مما يمهد الطريق أمام البلاد للمضي قدما، وهو ما جاء بعد وقت قصير من إعلان فنلندا رسميًا أيضًا أنها ستقدم طلبًا للانضمام إلى التجمع.

بعد الغزو الروسي..

تحدثت رئيسة الوزراء السويدية “ماجدالينا أندرسون” في مؤتمر صحفي قائلة إن السويد بحاجة إلى الضمانات الأمنية الرسمية التي تأتي مع عضوية الناتو.

وأضافت “أندرسون” أن قرنين من عدم الانحياز العسكري خدما بلدها جيدًا، لكن القضية كانت إذا ما كان الحال سيبقى على هو عليه، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقرر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم أن العضوية لن تسمح بتمركز قواعد للناتو أو أسلحة نووية على أراضيها.

وقد وافق الحزب الاشتراكي الديموقراطي في السويد – المعارض تاريخياً لعضوية الحلف الأطلسي – يوم الأحد (15 أيار/مايو 2022) على الترشح، ممهداً لتقديم الحكومة طلب الانضمام.

فنلندا: قرار الانضمام للناتو تاريخي..

من جانبه قال رئيس فنلندا” ساولي نينيستو” اتخاذ القرار بأنه “يوم تاريخي”، كما عبرت رئيسة الوزراء الفنلندية “سانا مارينط عن أملها في أن يوافق البرلمان على القرار في الأيام القليلة القادمة.

وأضافت “لدينا صلات وثيقة مع الناتو، وقد اطلعنا على بعض البيانات التي تشير إلى وجود بعض الإشكالات، لكن من المهم إجراء حوار هادئ مع الدول المعنية حول أي إشكالات”.

من جهته  يبدو  البرلمان الفنلندي، يتجه نحو موافقة على قرار الانضمام للناتو حيث يتوقع غالبية كاسحة لا تقل عن 85% تأييداً للانضمام.

شولتس: المواجهة العسكرية المباشرة بين موسكو والناتو تهدد باندلاع حرب نووية

الرئيس “نينيستو” قال إنه تحدث إلى الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” قبل شهر، مضيفا أن أنقرة أعربت عن استعدادها لدعم انضمام فنلندا إلى الحلف، لذلك فهو لا يفهم التقارير التي تتحدث عن احتمال معارضة تركيا لانضمام بلاده إلى الحلف.

وبعدما كان التأييد للانضمام إلى الناتو يراوح منذ عشرين عاماً نسبة بين 20 و30%، كشفت آخر استطلاعات الرأي أن أكثر من 70% من الفنلنديين و50% من السويديين يدعمون اليوم الانضمام إلى الحلف.

التقارير تفيد  بأن كلا البلدين يخططان لتسليم طلبات العضوية إلى الناتو يوم الأربعاء. وقال العديد من وزراء خارجية الحلف إنهم يريدون عملية انضمام سريعة، بينما تعتبر روسيا الانضمام للناتو تهديدا أمنيا وحذرت من “عواقبه”.

وظلت السويد على الحياد في الحرب العالمية الثانية وتجنبت لأكثر من قرنين من الزمان الانضمام إلى التحالفات العسكرية.

وتشترك فنلندا في حدود بطول 1300 كيلومتر (810 ميل) مع روسيا. وحتى اليوم، بقيت خارج الناتو لتجنب استعداء جارتها الشرقية.

في نفس السياق قال وزراء خارجية دول الناتو المجتمعون في برلين إنهم يريدون تسريع خطوات الانضمام إلى الحلف، التي تستغرق عاما كاملا في المسار العادي.

وقال نائب الأمين العام لحلف الناتو “ميركيا جيونا” إنه واثق أن عدم رضى تركيا عن انضمام السويد وفنلندا سوف يمكن التعامل معه.

تأييد بريطاني ألماني..

وعبرت وزيرة الخارجية الالمانية “أنالينا بيربوك” عن الحاجة لمنح الأعضاء الجدد ضمانات أمنية خلال المرحلة الانتقالية.

وردا على أسئلة الصحفيين حول الفترة الانتقالية بين تقديم طلب العضوية والموافقة عليها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية: “يجب أن لا تكون هناك “مناطق رمادية” يكون وضع الأعضاء الجدد فيها غير واضح.

وكانت وزيرة الخارجية البريطانية “ليز تروس” قد قالت إن على الناتو أن يبقي الباب مفتوحا أمام انضمام أعضاء جدد.

وأضافت: “سياسة الباب المفتوح للناتو أساسية، وإذا قررت فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف فإن ذلك سوف يعزز قوته”.

وقالت “تروس” “يجب أن يواجه بوتين هزيمة ساحقة في أوكرانيا، يجب لجم روسيا ويجب أن لا يتكرر عدوان كهذا”.

بدورها، هددت موسكو الخميس الماضي باتخاذ “خطوات تصعيدية” بعد إعلان فنلندا أنها تخطط للانضمام للناتو.

الناتو ينتظر طلب فنلندا والسويد للانضمام للحلف.. وليتوانيا تعلق

وهناك حدود مشتركة بين روسيا وفنلندا يبلغ طولها 1300 كيلو متر، وتتجنب فنلندا السعي إلى الانضمام إلى الناتو إثارة عداوة مع جارتها الشرقية. لكن منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ظهر دعم شعبي في فنلندا لفكرة الانضمام إلى الناتو.

عدم الانحياز العسكري..

وعلى مدى عقود، بقي السويديون والفنلنديون بمعظمهم متمسكين بسياسة عدم الانحياز العسكري، غير أن هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير شكل منعطفاً حاسماً، ولا سيما بالنسبة إلى فنلندا التي تتقاسم حدوداً مع روسيا يقارب طولها 1300 كلم.

كانت فنلندا جزءًا من السويد قبل ضمها عام 1809 إلى الإمبراطورية الروسية كدوقية ذات حكم ذاتي. وأعلنت استقلالها في ظل الثورة البلشفية عام 1917.

حين احتلها الاتحاد السوفياتي عام 1939 بعد بضعة أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية، قاوم البلد طوال ثلاثة أشهر خلال ما عرف بـ”حرب الشتاء”. ومع تجدد الأعمال الحربية عام 1941، اضطرت فنلندا إلى توقيع هدنة بعد معارك استمرت ثلاث سنوات.

وبموجب اتفاقية “صداقة” وقعت عام 1948 بضغط من موسكو، وافق القادة الفنلنديون على البقاء خارج التعاون العسكري الغربي والالتزام بنظام حياد قسري عرف بمصطلح “الفنلدة”. وإن كان البلد أفلت من ضمه إلى الاتحاد السوفياتي، إلا أن موسكو فرضت سيطرتها على سياسته الخارجية والعسكرية.

وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، انضمت فنلندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 1995 وإلى الشراكة من أجل السلام التابعة للحلف الأطلسي، لكنها تمسكت رسمياً بسياسة عدم الانحياز العسكري.

السويد من جانبها التزمت رسمياً خلال قرنين بسياسة حياد موروثة من نهاية الحروب النابوليونية، ومن الحربين العالميتين. لكنها شاركت في مهمات عسكرية في أفغانستان ومؤخراً في مالي، ولم تخض حرباً منذ نزاع مع النروج عام 1814.

وخلال التسعينات، عدلت سياسة الحياد إلى سياسة عدم انحياز عسكري “بهدف السماح” بالحياد في حال نشوب حرب.

وبالرغم من بقائهما خارج الحلف، وطد البلدان الإسكندينافيان علاقاتهما بشكل متواصل مع الناتو الذي يعتبرهما أقرب دولتين غير عضوين. وساهم البلدان في مهمات للحلف في البلقان وأفغانستان والعراق، كما شاركا في الكثير من التدريبات العسكرية المشتركة.

الاستثمار في الجيش..

خصصت السويد وفنلندا خلال الحرب الباردة تمويلاً ضخماً تراوح بين 4 و5% من إجمالي ناتجهما المحلي لقواتهما العسكرية في غياب حلفاء عسكريين لهما. ومع تبدد الخطر السوفياتي، خفض البلدان ميزانيتيهما العسكريتين، لكن فنلندا أبقت نظام خدمة عسكرية واسع النطاق وقوات احتياط ضخمة.

وتعول فنلندا البالغ عدد سكانها 5.5 ملايين نسمة، على جيش يضم 280 ألف جندي جاهز للقتال، إضافة إلى 600 ألف جندي احتياط، ما يشكل قوة استثنائية لدولة أوروبية. أما الجيش المهني، فلا يضم سوى 13 ألف جندي ولو أنه يتم تدريب 22 ألف مجند كل عام.

السويد من جانبها خفضت ميزانيتها العسكرية أكثر، من 2.6% من إجمالي ناتجها المحلي عام 1990 إلى 1.2% عام 2020، غير أن هذا التوجه تبدل بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.

وبعدما ألغي التجنيد الإجباري عام 2010، فُرض مجدداً بشكل جزئي عام 2017. ويعد الجيش السويدي حالياً حوالى 50 ألف جندي، نصفهم من جنود الاحتياط، وأعلن البلدان استثمارات كبرى في القوات العسكرية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

Exit mobile version